أهمّ نداءات العذراء في فاطيما 1917

“صلّوا الورديّة كلّ يوم، مرارًا وتكرارًا”
إحدى أهمّ نداءات العذراء في فاطيما 1917، فما معنى هذا الطلب؟
قد يعترض البعض، لا سيّما الذين يهاجمون الوردية وكلّ ما يمتّ بروح التقوى بِصلة، على تلاوة السلام الملائكي مرارًا وتكرارًا، معلّلين وجهة نظرهم بآية الرّب يسوع:”لا تُكرّروا كلامًا باطلاً كالوثنيّين، فإنّهم يَظُنُّونَ أنّه بِكثرة كلامِهِم يُسْتَجَابُ لَهُمْ!” (متى 6: 7)
ولكن في الحقيقة إن كانت صلاتنا غير صادرةٍ من القلب بل من الشّفاه وحسب (بدون توبة أو نيّة على تغيير سيرة حياتنا الى أفضل، بدون نيّة العمل بحسب وعود والتزامات الصّلاة وأسرار الورديّة) لتَطابقت آية الرّب يسوع هذه علينا، لمجرّد تلاوة سلامًا واحدًا فحسب، وليس فقط لتلاوتنا مسبحةً أو أربع سُبحات !
وإن كان السّلام الملائكيّ “كلامًا باطلًا” يُكَرَّر عبثًا، فكلامهم تجديفٌ على الروح القدس، لأنّه صلاةٌ أُعطيت لنا من الله نفسه، على فم رئيس الملائكة جبرائيل المُمجَّد: “«السَّلامُ عليكِ يا مُمتلئةً نعمة. اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ». (لو 1: 28)
ومِن الروح القدس نفسه أيضًا الذي ملأ أليصابات وفاهت بالطّوبى والتعظيم لأمّ الرّب: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! (لو 1: 41 )
وإن كانت صلاتُنا نابعةً من القلب، ونيّتنا صادقة، ونسعى الى التوبة الحقيقيّة، فالرّب يوصي” أنّه ينبغي أن يُصَلَّى كلّ حين ولا يملّ” (لو 18: 1) وأن نَسهر ونصلّي (مر 13: 33).
كذلك مار بولس الرسول: “صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ.” (1 تس 5: 17)
فإنّه لأمرّ حسنُ أن نتلو الكثير من الصّلوات والسّبحات، لإنّنا نصنع خيرًا أعظم لنفوسنا ونفوس كثيرين كلّما استفضنا أكثر فأكثر، على قدر طاقتنا.
قد يرى الكثيرون أيضًا أنّ الأمر صعب التّطبيق من المرّة الأولى، فهنا لا بدّ من المثابرة والجِهاد ضدّ التعب والكسل أو الملل أو تفضيل أي عملٍ آخر على الصلاة؛ وليكن نُصب أعيننا مثال القدّيسين والبابوات العظماء ذوي الإنجازات الروحيّة والكنسيّة والعجائب الباهرة – الذين كانوا يصلّون ورديّات عديدة كاملة في اليوم الواحد – فنفهم أهميّة عدم الاكتفاء بسبحةٍ واحدة في اليوم!! كما وضع عالم اليوم، كثرة الخطيئة والشر والحروب والتدنيسات والهراطقة وتشريع قوانين الشيطان… فلتشجّعنا هذه الأمور على تكثيف صلاتنا.. وبخاصةٍ؛ انتصار قلب مريم الطاهر.
ومَن أفضل من القدّيس المريميّ لويس ماري دو منفور، ليشرح لنا ذلك:
“إنّي أتوسّل إليكم بكلّ إلحاحٍ، بحق المحبة التي أكنّها لكم بيسوع ومريم، ألّا تكتفوا بتلاوة سبحة العذراء الصغيرة، بل إذا توفّر لكم الوقت، أن تتلوا الورديّة كاملة، كل أيّام حياتكم. وبعد زمان طويلٍ، أي ساعة موتكم، تباركون اليوم والساعة التي تجاوبتم فيها مع نصيحتي. وبعد أن تكونوا زُرعتم ببركات يسوع ومريم، تَحصدون بركات دائمة أبدية في السماء.”
فلنحذر إذًا أعداء الله وأعداء مريم، محاربي التّقوى باسم عدم المغالاة وتحت ستار الدفاع عن مجد الرب يسوع، لإزالة روح الوثنيّة و”التديّن الطبيعي” (كما يسمّونه). الذين يخدعون النفوس البسيطة المُصلّية ويدعونها لعدم اكثار الصّلوات بحجّة التأمّل وقراءة الكتاب المقدّس ودراسة اللّاهوت… وكأنّ كثرة الصلاة تناقض كلّ ذلك.
فهم يتغلغلون في كلّ مكان حتّى داخل الكنيسة وأصبحوا كُثرًا، ومُلهِمهم هو إبليس الذي لا يطيق الصّلاة ولا التّقوى ولا القداسة ويريد إلغاء كلّ ذلك.
من صفحة قلب مريم المتألم الطاهر

اترك تعليقاً