بقلم الخوري نسيم قسطون-
في الأحد السابع من زمن العنصرة، نتّأمّل في نصٍّ من إنجيل لوقا (10: 1-7) يحمل الكثير من التوصيف لمعاناة
الكنيسة الأولى ويذكّرنا بصعوباتٍ وضيقات عانت منها الكنيسة عبر العصور وحتّى يومنا هذا.
بدايةً لا بدّ من توضيح الفارق بين الرسل الاثني عشر والتلاميذ الاثنين والسبعين…
لقد كان رسل يسوع الحلقة الضيّقة التي رافقته في أغلب أوقات رسالته بينما مجموعة التلاميذ رافقته في مناسباتٍ
محدّدة أو في أحداثٍ معيّنة…
رغم هذا، نجد بأنّ هؤلاء التلاميذ حازوا دوراً في البشارة ويعتبر هذا النصّ من أبرز النّصوص التي تبيّن ما كلّفوا به
من مهام.
لقد قام هؤلاء بمهامٍ عديدة، ولكنّهم ظلّوا دائماً تحت إشراف الربّ وبمعيّة الرسل كي تبقى مهمّتهم نقيّةً من شوائب من
كانوا يتبعون الربّ لغاياتٍ خاصّة أو لإعجابٍ مؤقت به كما كان يحدث مع كلّ المعلّمين من أصحاب المبادرات
الصّالحة، التعليميّة أو الاجتماعيّة!
المهمّ أن الربّ توجّه إليهم داعياً إيّاهم للاتّكال عليه مهما واجهتهم في العالم من صعابٍ أو تجارب، مرتكزين إلى قوّة
صلاتهم ومتانة رجائهم بالربّ، ربّ الحصاد، الواثق فيهم كشركاء في مهمّة جذب الأمم إلى الملكوت!
لعلّ أهمّ ما يظهر من خلال توصيات الربّ هو تشديده على الاتّكال على عناية الله (لا تَحْمِلُوا كِيسًا، وَلا زَادًا، وَلا
حِذَاءً) وعلى أهميّة استغلال الوقت للبشارة (وَلا تُسَلِّمُوا عَلَى أَحَدٍ في الطَّرِيق) وعلى روح السّلام (قُولُوا أَوَّلاً: السَّلامُ
لِهـذَا البَيْت).
إن تأمّلنا مليّاً في هذه التوصيات سنجد بأنّ الربّ يدعونا للاتّكال عليه لا على مالنا أو ممتلكاتنا أو عقاراتنا أو على
معرفتنا أو حتّى علمنا… فكلّ هذا لن يقودنا إلى التغلّب على الخوف، أو القلق أو الإرهاق او اليأس…
وحدها علاقتنا بالربّ تقينا من التشكيك بمقدرتنا على غلبة ذواتنا في سبيل أن نكون ما دعينا لنكونه وفق ما ورد في
إحدى الترانيم: "أنت يا ربّ قوّتي" وفي أخرى ترد كلماتٌ من مزمور: "صخرتي أنت وخلاصي، ملجئي فلا
أتزعزع"…
بهذا اليقين، على تلميذ المسيح أن يسلك في دروب هذه الحياة وهو طبعاً لن يخيب، رغم كلّ ألمٍ، لأنّ الربّ يحبّه وإن
كان مضطهداً وحتّى لو كان بعيداً وإن أخطأ سينتظره من بعيد كما انتظر الآب المحبّ ابنه الشّاطر عبر السنوات!
كلّ هذه التوصيات تعني كلّ واحدٍ منّا إذ بمقدوره أن يكون تلميذ يسوع حيثما هو ومهما كان دوره في هذا العالم فما
علينا سوى النّظر في مدى طواعيتنا للربّ واستعدادنا لنكون تلاميذ دائمين في مدرسته!
Share via: