الأحد العاشر: متى نجدّف على الرّوح القدس؟

بقلم الخوري نسيم قسطون- 

نتأمّل في هذا الأحد في نصّ من إنجيل القدّيس متى 12: 22-32 ويرد فيه الكلام عن التجديف
على الرّوح القدس.
متى نجدّف على الرّوح القدس؟
يظنّ البعض بأنّ هذا التجديف معناه أن "نشتم" الرّوح القدس…
ولكن، المعنى الفعليّ لهذا الفعل هو أعمق من هذا بكثير… إنّه يعني بشكلٍ أساسيّ تقييد دور الرّوح
القدس ومنعه من تنويرنا ومن قيادة حياتنا صوب تجسيدٍ واقعيّ لمسيحيّتنا لا بالأقوال فحسب بل
بالأعمال أيضاً.
نجدّف على الرّوح القدس حين نفقد الرّجاء وتصبح الحياة بالنسبة إلينا مجرّد ساعات ودقائق تمرّ
ثقيلةً دون هدفٍ ولا غاية.
نجدّف عليه أيضاً حين نسبّب الأذى الرّوحي بشهادتنا وسلوكنا كمسيحيّين سلبيّين:
 حين تتناقض أقوالنا مع أعمالنا…
 حين تصبح مسيحيّتنا أنقاضاً في حياتنا وهو ما يترجم في سلوكنا…

بهذا المعنى، تشبه علاقتنا بالرّوح القدس أحياناً علاقة السجّان بالسجين…

لقد أودع الله في داخلنا روحه القدّوس لينيرنا إلى درب الله وملكوته…

لكنّنا أحياناً نقفل عليه الأبواب ولا نتيح له حريّة التنفّس من جرّاء ما نخنقه به من قرارات

وخيارات تضع حدّاً لقوّته باسم حريّتنا الشخصيّة أو ما نظنّه حريّتنا والتي هي غالباً سجنٌ لاحق

بحاضرٍ برّاق!

من علامات التجديف على الرّوح القدس هو اليأس الّذي قد يصل إلى فقدان الرّجاء أو حتّى تشوّه

الإيمان لدرجة تحميل الله المسؤوليّة عن كلّ الشرور أو الآلام التي قد تصيبنا!

هذه "الخطيئة" تستند إلى تشّوه في مفهوم الله لدينا فيصبح جلّاداً بدل أن يكون مخلِّصاً ومخيفاً بدل

أن يكون رحوماً وظالماً بدل أن يكون عادلاً…

هذه الصورة المشوّهة تقود العديد من المؤمنين إلى فقدان الإيمان فييأسون ويفقدون معنى الرّجاء…

دورنا هنا هو مشاركة الرّوح القدس في تنوير قلوبهم من جديد فيعيدون اكتشاف الفرح والسّلام في

حياتهم وفي حياة الآخرين!

إنجيل اليوم يدعونا إلى كسر أقفال سجننا وإطلاق الرّوح القدس حرّاً في حياتنا فننمو به ومن خلاله

إلى حياةٍ أكثر انسجاماً مع هويّتنا المسيحيّة وكياننا كأبناء لله وصورته في هذا العالم.

اترك تعليقاً