في أعالي كسروان، حيث يلامس الصنوبرُ الغيمَ، تتربّع شَحْتولُ كعقدةٍ خضراء في جبين لبنان الجبليّ. قريّةٌ تنحدرُ ببيوتها الحجرية نحو الوديان، وتنهض بأجراس كنائسها نحو السماء، كأنها صلاةٌ معلَّقة بين الأرض والهواء. عُرفت شَحْتول بجغرافيتها الوعرة وحقولها المدرّجة، وبناسها الذين حفظوا إيقاع الفصول وتوارثوا زراعة الكرمة والزيتون كطقسٍ من طقوس الهوية.
هنا، تُفصح الصخور عن تاريخٍ يضرب في عمق الزمن، وتشهد الأديرة والمقامات على مراحل الإيمان واللجوء والتجذّر في الأرض. أمّا الليل في شَحْتول، فمسرحُ نجومٍ يظلّل حكايات الساهرين وهم يتناقلون ذاكرة الرُّعاة والمزارعين، وقصص النهارات التي صاغها الكدّ والصبر. تبقى شَحْتول، في جوهرها، فسيفساء جبلية تجمع بين الأصالة والطمأنينة، وبين روح القرية وامتداد الحلم اللبنانيّ عبر الأجيال.
