في حضرة أم كلثوم… “خمسون سنة على الغياب”

You are currently viewing في حضرة أم كلثوم… “خمسون سنة على الغياب”

في ليلةٍ لا تُنسى من ليالي الطرب الأصيل، نظّم المعهد الوطني العالي للموسيقى بقيادة رئيسته الدكتورة هبة القواس، بالتعاون مع زينة عكر ومتحف نابو، أمسية استثنائية كرّمت كوكب الشرق أم كلثوم تحت عنوان “خمسون سنة على الغياب”، وذلك بقيادة المايسترو أندريه الحاج، على مسرح “سيريناتا” في الهواء الطلق مقابل متحف نابو، حيث اختلطت نسمات البحر بأصداء الموسيقى، وتحول المكان إلى معبد للجمال والتراث.

هذه الأمسية لم تكن مجرّد حفل موسيقي، بل كانت احتفاءً بالفن الأصيل، ورسالة تؤكد دور المؤسسات الثقافية اللبنانية في صون الإرث الموسيقي العربي وتجديده عبر مبادرات فنية عالية المستوى.

الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق-عربية أبدعت بقيادة المايسترو أندريه الحاج، الذي قاد العازفين بمهارة لافتة، مستخرجًا من آلاتهم مشاعر لحنية أصيلة مزجت بين الشجن والرقي. وتألقت في هذه الليلة المطربة مروة ناجي، بصوتها الأخّاذ وأدائها الحيّ الذي أعاد للأذهان سحر أم كلثوم، مع لمسات معاصرة تعكس فهمًا عميقًا لجمالية الغناء الكلثومي.

وقدمت ناجي توليفة من أجمل أغاني الست، إلى جانب روائع لفيروز ووردة الجزائرية، في أداءٍ شهد له الجمهور بجمال الصوت وصدق الإحساس، مؤكدة أنها امتدادٌ نادرٌ لتقليد الغناء العربي العريق.

ولم يكن اختيار متحف نابو لاستضافة الأمسية محض مصادفة، بل جاء تعبيرًا عن التقاء الفن بالمكان، فالمتحف بما يحمله من رمزية ثقافية وتاريخية أضاف عمقًا للحفل، فيما شكّلت قاعة سيريناتا المفتوحة مشهدًا طبيعيًا ساحرًا، حيث تماهت الإضاءة والموسيقى والمنظر الطبيعي في تجربة حسية متكاملة.

إنّ “خمسون سنة على الغياب” كانت أكثر من مجرد تأبينٍ رمزي لأسطورة الغناء؛ كانت لحظة وعيٍ جماعي بأهمية الإرث الفني، واحتفالًا بالجمال الذي يتجاوز الزمان والمكان، ويعيد للفن مكانته كقيمة روحية وحضارية.

اترك تعليقاً