باتريسيا سماحة –
سأروي ياسمينتي الجميلة لتفوح رائحتها بقوة بعد غروب الشمس وعندما يوشك القمر على الاكتمال،….
سأغسل شبابيك منزلي لاشاهد العصافير تبحث باجنحتها الصغيرة عن معنى جديد للحقيقة …
ساغسل الثياب وانشرها على حبل الغسيل فتتمايل مع الهواء حرة نظيفة واثقة جاهزة لتتحدى واقعا اخر وغدا اخر لا اعرف كيف سيكون
ساضع اغنية لفيروز وساختارها برقة صوتها وقد تكون سلملي عليه او ندهلي حبيبي او حتى سالوني الناس…
ساعيد قراءة قواعد العشق الاربعون للكاتبة التركية اليف شافاك فانا من عشاق الصوفية
ساخفض صوت مذيعي نشرات الاخبار وساراقب شفاهههم تمتم كلاما لا افهمه وقد اتوقعه بما يلائم تطلعاتي وامنياتي واحلامي
سادخل بعدها الى مطبخي واضع في مزهريتي المزيد من زهر النرجس لانو يساعد على التئام الجروح
ساحضر طبقا من الخضار الملونة ولن اقطعها فلم اكن يوما من محبي العنف
بعدها سادخل غرفتي وارتدي احد فساتيني الجميلة وحذاء بكعب عال وخلخالا يتمايل برقة فوق كاحلي
وسانتظر الحرب بلباقة واذا اتت وفي حال لم تكن مستعجلة سادعوها لتسهر معي وسنتبادل اطراف الحديث ..ساسالها عن هواياتها واهدافها وعن عشقها للدماء وقد نصبح اصدقاء وطبعا ساغفو كالعادة وانا احلم بصباح جديد و سترحل هي لاني من هواة النوم باكرا ولن استطع مسامرتها اكثر
ها قد اتت الحرب ولم اعد اعرف ما هي اولوياتي
رويت ياسمينتي ولكن رائحتها اختفت اذ طغت عليها روائح البارود والموت والدمار
لم اعد اغسل شبابيكي فالمشهد في الخارج بشعا ومظلما
لم اعد املك الوقت للغسيل ولا للثياب فانا مصبرة امام الشاشات اقرأ الموت ثانية بثانية ولحظة بلحظة
فيروز ما زالت تغني ولكن صوتها حزين جدا وكانها تغني من حنجرة اخرى لا تشبه حنجرتها
لم اعد ارتدي فساتيني الملونة فاصبح فستاني الاسود ملك اطلالاتي ،خجل خلخالي فصمت وانزوى بتململ مضجر
انتظرت الحرب بلباقة ولكنها اتت مستعجلة لتشرب من الدماء وتقتات من الارواح . …لم ادعها الى بيتي فكل ما كنت اريده ان ترحل بعيدا والا تلتفت الى الوراء
اعرف انها سترحل ولكنها ستاخذ حتما اجزاء لا باس بها من ارواحنا