وُلِدَ القدّيس دومينيك (عبد الأحد) في 8 آب 1170 في كاليرويغا (Caleruega) – إسپانيا. وكان أبوه مِن أشراف قومه ومِن أبناء مُلوك إسپانيا وفرنسا والپرتُغال وأُمَرائها، أمّا أمّه فكانت سيّدة كريمة تقيّة فاضلة، عاشَت في القداسة، ودُفِنَت في كنيسة الآباء الدومينيكان، وكُتِبَ على قبرها: “القدّيسة حنّة أُمّ القدّيس دومينيك”. وكان للقدّيس دومينيك أَخَوان أكبر منه سِنًّا، زَهدا هما أيضًا في الدُنيا، وماتا مَوت الأبرار.
وعندما بَلَغ الخامسة والعشرين مِن عمره، لبِسَ الثوب الكهنوتي، وعزم على التخلّي عن كلّ ما في العالم، وعلى التَفَرُّغ لخدمة الله وخدمة القريب. فسار في منهجٍ خاصٍ على مِثال ما كان يقرأه في سيرة الرهبان وحياتهم التَقَشُّفيّة والروحيّة السّامية. قادت العناية الإلهيّة القدّيس دومينيك إلى إنشاء “الرهبانيّة العظيمة” التي دعاه الله إلى تأسيسها ونشرها في العالم. كان ذلك عندما مَكَثَ في جنوب فرنسا لمحاربة بِدعة “الألْبيجِيّين”، التي كانت تُعلِّم بأنّ كُلَّ شيءٍ مِنَ الرّوح هو جيّد، وكلّ شيءٍ مادّيّ هو شرّ، بما في ذلك الجسد أيضًا، وأنّ نفسَ كُلِّ إنسانٍ هي أسيرةٌ في جسده الشرّير، ولا يستطيع أن يُخَلِّص نفسه، إلّا إذا ما تَحَرَّر مِن الجسد المادّيّ… وكانت هذه التّعاليم تَتعارَض كُلِّيًّا مع تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة، وبخاصّةٍ عقيدة التَجَسُّد؛ التي تعلّم أنَّ المسيح اتّخذَ جَسدًا، وتألَّمَ وماتَ وقام.
فأذِنَ الحبر الأعظم للقدّيس دومينيك ورفاقه بتأليف جماعة رسوليّة تقوم بمَهام الوعظ والإرشاد والمحاضرات العَلَنيّة، والمجادلات اللّاهوتيّة مع الهراطقة، إلّا أنّ أتعابهم لم تَجْنِ ثمارًا وافِرةً ووجدوا أنفسهم مُحبَطين.
وتَفَشّت، مِن جَرّاء ذلك التّيار وتعاليمه، آفاتٌ مُخِلّة بالآداب ورذائلُ شتّى، شأنه شأن كلّ بدعةٍ، بحيث لم يستطِع القديس دومينيك وحده التصدّي لها. فآلامه الأمرُ كثيرًا، وأحسّ بأنّ الكنيسة تُضرَب من قِبل أعدائها، وأنّ إيمانها أضحى بخطرٍ.
Share via:
