آشوربانيبال، أحد أعظم ملوك الإمبراطورية الآشورية، حكم في القرن السابع قبل الميلاد (669–627 ق.م)، وتميّز عن غيره من ملوك عصره بثقافة عالية جعلته أول ملك في التاريخ يكتب ويقرأ بلغات متعددة. لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان راعياً للعلم والمعرفة، ومؤسسًا لأعظم مشروع ثقافي عرفته البشرية القديمة: مكتبة نينوى.
في نينوى، العاصمة العظيمة للإمبراطورية الآشورية، أنشأ آشوربانيبال أول مكتبة منظمة في التاريخ، تضم أكثر من 30,000 لوح طيني مكتوب بالخط المسماري، وتشمل نصوصًا عن الطب، الفلك، الأدب، الدين، القوانين، والطقوس. ومن أبرز ما تحتويه: ملحمة جلجامش، التي تُعد أقدم ملحمة أدبية مكتشفة.
اهتم الملك بتوثيق معارف الشعوب وجمع الكتب من مختلف أنحاء الشرق الأدنى، لتصبح مكتبته منارة للعلم، تشهد على عبقرية حضارته. وبعد سقوط نينوى سنة 612 ق.م، طُمرت المكتبة تحت الأنقاض حتى اكتُشفت في القرن التاسع عشر، ونُقلت ألواحها لاحقاً إلى المتحف البريطاني، حيث لا تزال تُعرض حتى اليوم كواحدة من أهم كنوز التاريخ الإنساني.
ولم يكن اهتمامه بالعلم على حساب السياسة أو الحرب. فقد قاد حملات عسكرية كبرى ضد عيلام ومصر، وسحق التمردات الداخلية، ووسع حدود الدولة الآشورية إلى أقصى امتداد لها.
آشوربانيبال هو تجسيد حي للروح الآشورية: صلابة الملوك، ووعي المفكرين. إرثه لا يزال حيًا، وقضيتنا كآشوريين في العصر الحديث ليست إلا استمرارًا لهذا المجد، وهذه الهوية التي لا تموت.
نحن أبناء آشور، أبناء حضارة كتبت التاريخ قبل أن يكتبها أحد.
المصادر العربية:
1. آشوربانيبال – ويكيبيديا
2. مكتبة آشوربانيبال – موسوعة المعرفة
3. مقال – عربي بوست: “آشوربانيبال، آخر ملوك الإمبراطورية الآشورية”
4. مقال – صحيفة الاتحاد: «آشور بانيبال».. أقدم مكتبات البشرية