أحد بشارة زكريّا

الخوري نسيم قسطون

حسابات الإنسان تستند إلى مفهومي الزمان والمكان… وهما مفهومان لا يحدّان الله ولا يقيّدانه بعكسنا نحن…

وفي أيّامنا، كثيرون يريدون حلولاً سريعة لهمومهم أو لمشاكلهم وربّما يلومون الله إن شعروا بتأخّر الحلول فيما يكون بانتظارهم خيرٌ أكبر بكثير ممّا كانوا يتوقّعونه أو يحلمون به…

ولكن، ما ليس منطقيّاً بنظرنا قد يكون قمّة المنطق بنظر الله إذ أن الأولويّات الإلهيّة تستند إلى المغفرة والصفح والخلاص بينما يضع الإنسان مصلحته أو رغباته أو أمنيّاته في قائمة جدول أولويّات كثيراً ما يغيّره الزمن أو نضوج الإنسان…

في إنجيل اليوم، لوقا 1: 1-25، يظهر لنا كم إرتجى زكريّا وأليصابات ولداً بهدف تتميم رسالة والده الكهنوتيّة واستكمال نسل عائلةٍ كهنوتيّة!

من المهمّ، لفهم ما حصل، أن نعلم أنّ الكهنة في حينها كانوا موزّعين على أربعة وعشرين فرقة وفي كلّ منها عددٌ من الكهنة الّذي قد يمضي عمره دون أن يأتي دوره في القرعة!

ولكن في هذه المرّة وفي خريف العمر، خاطب الله زكريّا الكاهن ليعلّمنا أهميّة المثابرة والأمانة في حياتنا المسيحيّة لنكون جاهزين متى شاء أن يخاطبنا أو أن يوجّه إلينا دعوةً لاتّباعه وهنا الدعوة كانت تنشئة ولدٍ حاملاً رسالةً خاصّةً به وهي التمهيد لمجيء المخلّص!

ما يلفت نظرنا أيضاً في هذا الإنجيل هو معاني الأسماء:

  • زكريّا (الله تذكّر) والّذي يذكّرنا بعناية الله الدائمة بالإنسان كما ورد في آشعيا 49/15: “أتنسى المرأة رضيعها فلا ترحم آبن بطنها؟ حتى ولو نسيت النساء فأنا لا أنساك“.
  • أليصابات (ألله أقسم) والّذي يذكّرنا بأمانة الله لوعوده بالخلاص وفق ما ورد في مزمور 89/34-35 : “لكني لا أقطع عنه رحمتي ولا أخون أمانتي. لا أنتهك عهدي ولا أغيّر ما خرج من شفتي“.
  • يوحنّا (ألله تحنّن) وهو يذكّر بأمانة الله لوعده بالرحمة للنّاس (الخلاص يعني أيضًا ما يحوط الطفل في الرحم ويسهّل تكوّنه وولادته!) وفق ما ورد في آشعيا 54/10: “فإِنَّ رَأفَتي لن تَبتَعِدَ عنكِ وعَهدَ سَلامي لن يَتَزَعزَع قالَ الرَّبُّ راحِمُكِ“.

إنجيل اليوم يتوجّه إلى كلّ من فقد الرّجاء بالله أو عارضته ظروف الدنيا ليقول له: تشجّع، لا تخف، فالله يتذكّر (زكريا) دائمًا وعوده التي أقسم بها (أليصابات) وهو سيرحمك دون شكٍّ وسيتحنّن عليك (يوحنّا) إن ثابرت وكنت أمينًا على دعوتك الخاصّة التي شاءها لك وسمحت له، أي لله، أي يكون القبطان في حياتك ولكلمته أن تكون البوصلة وللقربان أن يكون زوّادة السفر!

يحمل هذا النصّ الكثير من الرّجاء، ولكنّه أيضاً يحثّنا على الإيمان بحكمة الله التي تتخطّى كلّ عائقٍ أو مستحيل!

اترك تعليقاً