قال الفيلسوف الفرنسي بليز باسكال:
“للكنيسة ثلاثة أعداء: الوثنيون الذين لم يكونوا يومًا جزءًا منها؛ والملحدون الذين انسحبوا منها؛ والمسيحيون غير الصالحين الذين يمزّقونها من الداخل.”
كلمات موجعة، لكنها حقيقة تعيشها الكنيسة منذ نشأتها.
فالكنيسة ليست هدفًا لهجمات من الخارج فقط، بل كثيرًا ما تألمت من جراح أصابتها من داخلها.
أولاً: الوثنيون – السيف من الخارج
هم الذين لم يعرفوا المسيح، يعاندونه ويقاومون تعاليمه، ويضطهدون أتباعه.
كم مرة حاول العالم الوثني إخماد نور الإنجيل؟
لكن وعد المسيح ثابت:
“وأبواب الجحيم لن تقوى عليها” (متى 16: 18)
الاضطهادات الأولى كانت من الوثنيين، لكن الكنيسة لم تمت بل وُلدت من جديد، أقوى وأنقى.
ثانيًا: الملحدون – الهاربون من النور
هم الذين عرفوا المسيح، لكن إيمانهم لم يثبت، فاختاروا الابتعاد والشك، تاركين طريق النور.
هم من سمعوا الكلمة، لكن لم يسمحوا لها أن تتغلغل في أعماق قلوبهم، ولم يتحملوا أعباء الإيمان الحقيقي.
قال يوحنا الرسول عنهم:
“مِنّا خرجوا، لكنّهم لم يكونوا منّا” (1 يوحنا 2: 19)
ضعف الثبات في الإيمان والهروب من الرحمة والنعمة، هو الخطر الحقيقي.
قد يتعرّض البعض لتعثر بسبب صور مشوهة عن المسيحية، لكنها ليست السبب الوحيد ولا الكافي. الإيمان دعوة يومية تتطلب قلبًا ثابتًا وإرادة صادقة للسير مع المسيح.
ثالثًا: المسيحيون غير الصالحين – الطعنة من الداخل
هم الأخطر… لا يأتون من الخارج، بل من قلب الكنيسة نفسها.
يصلّون ويحضرون ويظهرون صورة التقوى، لكنهم:
ينشرون الانقسام بدل المحبة
يتكلمون بالسوء بدل النعمة
يطلبون مصالحهم بدل مجد الله
قال بولس لتيموثاوس:
“في الأيام الأخيرة يكون أناس يحبّون ذواتهم… لهم صورة التقوى ولكنهم ينكرون قوتها” (2 تيموثاوس 3: 1-5)
هؤلاء يطعنون الجسد الواحد من الداخل، بالصراعات، بالنميمة، بالتسلط، وبالإهمال الروحي.
ماذا عنّا نحن؟
لسنا مدعوّين لإدانة الأعداء، بل لننظر في قلوبنا بصدق:
هل أنا صديق أم عدو للكنيسة؟
هل أنا حجر يبني أم حجر عثرة يعثر؟
هل أنا نور يُظهر وجه المسيح، أم ظل يُخفيه عن الناس؟
لنصلي معًا من أجل كنيسة المسيح، أن تتحرر من سيوف الخارج، وتهرب من فخاخ الشك، وتُطهّر من جراح الداخل.
ولنكن نحن شهودًا أمناء، نُضيء بنور المسيح، ونبني بحبّ المسيح.
الأب فادي مطلوب-