نشعر بحالة ذهول وعجز وعدم قدرة على التعبير امام هول الكارثة والمأساة المروعة التي يعيشها أهلنا في قطاع غزة والذين يتعرضون للموت اما قتلا واما جوعا وتنكيلا .
فالى متى سوف تستمر هذه المحنة ووسائل التواصل الاجتماعي تحدثنا عن تفاوض في قطر ، فتارة نسمع اخبارا إيجابية وتارة نصدم باخبار تفيد بفشل المفاوضات واصبحنا غير عارفين ما هي الاخبار الدقيقة وما هي الاخبار الغير دقيقة وما هو الصحيح وما هو غير الصحيح ولكن الحقيقة المرة الوحيدة هي ان هنالك اكثر من مليوني انسان في القطاع يعيشون حالة تجويع وتنكيل غير مسبوقة في التاريخ البشري الحديث .
بمعزل عن المفاوضات وبمعزل عن الجهود التي تبذل من اجل وقف الحرب فإننا نعود وننادي مجددا بأن هذه الحرب يجب ان تتوقف ومسألة المناداة بوقف الحرب ليست ترفا فكريا بل هي حاجة ملحة امام هذا الكم الهائل من المعاناة والالام والاحزان والدماء المسفوكة في القطاع المحاصر .
اصبح واضحا للكثيرين في العالم بأن استمرارية هذه الحرب انما هو عمل غير أخلاقي وغير انساني ، والحرب منذ ان بدأت هي غير أخلاقية وغير إنسانية لانها تستهدف شعبا محاصرا مظلوما وهذا الشعب يدفع فاتورة باهظة بسبب حرب فرضت عليه وهي تندرج في اطار التـآمر على الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
نرفض ازدواجية المعايير وأقول لاولئك الذين يتحدثون عن الإرهاب بأن شعبنا الفلسطيني هو ضحية الإرهاب الممارس بحقه ، وضحية المظالم التي تستهدف هذا الشعب في غزة أولا وفي الضفة أيضا حيث الاعتقالات والاقتحامات والسياسات الاحتلالية الغاشمة .
نرفض ما حدث يوم ال7 من أكتوبر فالانسانية عندنا لا تتجزأ ولا يوجد في مفهومنا الأخلاقي انسانا يستحق الحياة وانسانا لا يستحق الحياة ، فكل البشر يستحقون الحياة ومن يرفضون ما حدث يوم ال7 من أكتوبر يجب ان يرفضوا ما حدث بعدها من حرب همجية إجرامية غير مسبوقة استهدفت الكل الفلسطيني وادت الى كم هائل من المآسي والالام والاحزان.
نرفض ما حدث يوم ال7 من أكتوبر ولكننا نقول بأن ما حدث بعدها انما يشير وبوضوح الى مسألة في غاية الخطورة وهو ان يوم ال7 من أكتوبر كان الذريعة (وان كان الاحتلال ليس بحاجة للذرائع) من اجل احداث هذا الكم الهائل من المآسي في القطاع ومن اجل جعل الفلسطينيين جميعا يعيشون وكأنهم في سجن كبير لا بل في جحيم ، ناهيك عن المخططات التي نراها ونلمسها ونلحظ وجودها وهدفها هو رسم خرائط جديدة لمنطقتنا ، انه الشرق الأوسط الجديد الذي يراد ان يكون في خدمة المصالح والاجندات والمشاريع الاحتلالية.
ارفعوا الظلم عن شعبنا واوقفوا حرب الإبادة فأهل غزة الذين يتضورون جوعا وعطشا هم بشر خلقهم الله كما خلق كل انسان وهم يستحقون الحياة ولا يستحقون الموت وهم يستحقون ان يعيشوا بكرامة وحرية مثل باقي شعوب العالم.
نتمنى ونطالب بأن يستمر الحراك وان تتواصل النشاطات والفعاليات في عالمنا المناهضة للحرب والمطالبة بوقفها لعل صوت الاحرار في كل مكان يصل الى حكام وجبابرة هذا العالم لكي يعملوا على وقف هذه المأساة المروعة والتي يدفع فاتورتها شعب اعزل محاصر ومظلوم .
أوقفوا الحرب … أوقفوا المجاعة … فهذه الكارثة لا يجوز لها ان تستمر وان تتواصل.
المطران عطا الله حنا
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس
