أعلنت وزارة الثقافة السعودية عن اكتشاف أثري استثنائي يتمثل في أقدم مستوطنة معمارية معروفة في الجزيرة العربية، يعود تاريخها إلى العصر الحجري الحديث، وتحديدًا إلى الفترة الممتدة بين 11 ألفًا و10,300 سنة من الوقت الحاضر. وقد جرى هذا الاكتشاف ضمن أعمال التنقيب التي تنفذها هيئة التراث بالشراكة مع جامعة “كانازاوا” اليابانية، وبالتعاون مع مشروع “نيوم”، في موقع “مصيون” شمال غرب مدينة تبوك.
وكشفت أعمال التنقيب عن وحدات معمارية شبه دائرية مشيّدة بأحجار غرانيتية محلية، تضم مباني سكنية، ومخازن، وممرات، ومواقد نار، في تخطيط متقدم يعكس أسلوب عيشٍ يعتمد على الصيد وزراعة الحبوب.
كما عُثر في الموقع على مجموعة كبيرة من الأدوات الحجرية، مثل رؤوس السهام والسكاكين والمطاحن التي يُرجّح استخدامها في درس الحبوب، إلى جانب أدوات زينة مصنوعة من أحجار الأمازونيت والكوارترز والأصداف، إضافة إلى مواد خام تشير إلى وجود نشاط إنتاجي داخل المستوطنة.
ومن أبرز المكتشفات أيضًا بقايا نادرة لهياكل بشرية وحيوانية، وقطع حجرية مزخرفة بخطوط هندسية ذات دلالات رمزية، ما يمنح الباحثين فهمًا أعمق لأنماط الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في المنطقة خلال العصر الحجري الحديث المبكر.
وأكّدت الوزارة أن هذا الاكتشاف يمثّل منعطفًا علميًا مهمًا في دراسة بدايات الاستيطان البشري المستقر في شمال غرب السعودية، ويعزز فرضية أن هذه المنطقة شكّلت امتدادًا طبيعيًا لـ«الهلال الخصيب» (بلاد الرافدين، وبلاد الشام، وجنوب الأناضول)، وكانت موطنًا مبكرًا لتحول الإنسان من حياة الترحال إلى الاستقرار.
