اكتشاف مدينة كنعانية عمرها 5000 عام في جنوب وادي عارة

You are currently viewing اكتشاف مدينة كنعانية عمرها 5000 عام في جنوب وادي عارة

كشفت أعمال تنقيب أثرية في منطقة عين الأساور جنوب وادي عارة عن مدينة تاريخية يعود عمرها إلى نحو 5000 سنة، جرى العثور عليها خلال عمليات شق شارع جديد في المنطقة. ويؤكد خبراء الآثار أنّ الموقع يُعدّ من أولى المدن الكبرى في الشرق القديم، ويُقدّر أنه كان موطناً لحوالي 6000 نسمة، ما يعكس أهميته العمرانية والاجتماعية في تلك الحقبة.

ومن أبرز معالم المدينة المكتشفة وجود معبد ضخم يحتوي على مستودع لعظام حيوانات محروقة، ما يدل على ممارسة طقوس تقديم الأضاحي. كما تم العثور على نحو أربعة ملايين قطعة أثرية، تشمل تماثيل نادرة للبشر والحيوانات وقطع فخارية وأدوات متنوعة، بعضها مستورد من مصر، ما يشير إلى وجود تواصل حضاري وتجاري واسع.

وقال الباحث الأثري الدكتور وليد أطرش لصحيفة القدس العربي إن المدينة بُنيت في الفترة البرونزية الأولى في نهاية الألفية الرابعة قبل الميلاد، وكانت محاطة بسور وتتألف من مناطق سكنية وأخرى عامة إضافة إلى شوارع وأزقة. وأضاف أنه تم العثور تحتها على طبقة أثرية أقدم لمدينة أخرى مترامية الأطراف تعود إلى 7000 سنة، مرجحاً أن وفرة عيون المياه في المنطقة شكّلت عاملاً أساسياً لجذب السكان المتعاقبين عبر العصور.

وأوضح أطرش أن هذا الاكتشاف يغيّر بصورة دراماتيكية فهم الباحثين لطبيعة تلك الحقبة الكنعانية وبدايات الحياة المدينية في المنطقة، إذ شهدت تلك الفترة انتقال السكان من الأرياف نحو المدن، ما يُعدّ بداية تبلور الحضارة الكنعانية. وأكد أن حجم المدينة وتخطيطها المتقن يشيران إلى وجود جهاز إداري وهندسي تولّى تصميمها وإدارتها.

وفي القسم المفتوح داخل الموقع، اكتشف علماء الآثار معبداً ضخماً نادراً بحجمه، يضم حوضاً حجرياً عملاقاً استخدم لتخزين سوائل مرتبطة بالطقوس الدينية، إلى جانب محرقة تحتوي على عظام حيوانات وتماثيل حجرية صغيرة برؤوس بشرية وحيوانية، تمثل دليلاً واضحاً على الحياة الروحية الثرية التي تمتع بها المجتمع الكنعاني.

وستُوثّق هذه المكتشفات لاحقاً بواسطة تقنيات حديثة قبل إعادة تغطيتها بعد الدراسة والمعاينة.

من جهته، صرّح المؤرخ البروفيسور مصطفى كبها لـ القدس العربي بأن هذه المدينة هي أكبر مدينة كنعانية تُكتشف في فلسطين حتى اليوم، مشيراً إلى وجود العديد من المدن الكنعانية الأخرى في البلاد، لكن هذا الموقع يتميّز بضخامته ووفرة مياهه المحيطة بعيون الأساور. كما أعلن عن العثور على لوائح رخامية وعملات نقدية تعود إلى فترات لاحقة، بينها فترة المماليك.

وختم كبها: “إنها مدينة مدهشة بسعتها ورقيّها العمراني… ومن الواضح أن مهندسين مهرة خطّطوا لها. هذا الاكتشاف سيمنح الباحثين فرصة نادرة لإغناء معرفتنا التاريخية عن الفترة الكنعانية وتطورها الحضاري”.

اترك تعليقاً