الآثار الرومانية والبيزنطية في بلدة الغينة: من معبد أدونيس إلى الكنيسة البيزنطية

You are currently viewing الآثار الرومانية والبيزنطية في بلدة الغينة: من معبد أدونيس إلى الكنيسة البيزنطية

تقع بلدة الغينة في قلب جبل لبنان، وتحتضن في موقعٍ يُعرف باسم “قبعل الحصين” بقايا أثرية تُعدّ من أبرز الشواهد على التنوّع الحضاري والديني الذي شهدته المنطقة عبر العصور. ويُظهر هذا الموقع بوضوح تتابعًا عمرانياً وثقافياً من العهد الروماني إلى الحقبة البيزنطية، ما يمنحه أهمية استثنائية في الدراسات الأركيولوجية اللبنانية.

تكشف الحفريات الأثرية عن أنقاض معبد روماني ضخم كان قائمًا في المكان، وقد جرى تحويله في القرن الخامس الميلادي إلى كنيسة بيزنطية مزدانة بفسيفساء ذات طابع هندسي ونباتي رفيع المستوى. غير أنّ هذا الصرح الديني لم يصمد أمام الزلزال العنيف الذي ضرب المنطقة عام 550م، فأدّى إلى تدمير أجزاء واسعة من الكنيسة وانهيار معظم زخارفها الأصلية.

وتشير نشرة متحف بيروت الوطني، في تقريرها عن خرائب الغينة الأثرية، إلى أنّ أساسات البناء الروماني تدلّ على وجود معبدٍ وثنيّ يُعرف باسم “قصر أدونيس”، ما يُبرز البعد الديني الوثني الذي ساد في المنطقة قبل انتشار المسيحية. كما تكشف البقايا المحيطة بالموقع عن قريةٍ أثريةٍ صغيرة كانت تضمّ مساكن للكهنة والحجّاج الذين وفدوا لتأدية الطقوس الدينية، إضافةً إلى مساحات زراعية كانت تؤمّن احتياجات المجتمع المحلي القائم حول المعبد.

ويُعدّ موقع الغينة شاهدًا فريدًا على التداخل بين الرموز الوثنية القديمة والعناصر المعمارية المسيحية البيزنطية، بما يعكس التحوّلات الدينية والثقافية الكبرى التي شهدها جبل لبنان في القرنين الرابع والسادس للميلاد. ومن هنا، تبرز أهمية هذا الموقع بوصفه حلقةً أساسية في فهم تاريخ العمارة الدينية والتحوّل العقائدي في المشرق القديم.

اترك تعليقاً