الأب نسيم قسطون لموقع شرقنا:” المطلوب الثقة بإلهنا لاستكمال مسيرتنا الإيمانيّة والكنسيّة.

You are currently viewing الأب نسيم قسطون لموقع شرقنا:” المطلوب الثقة بإلهنا لاستكمال مسيرتنا الإيمانيّة والكنسيّة.

 

في خضم رحيل البابا فرنسيس، كان لموقع شرقنا وقفة مع الخوري نسيم قسطون حيث أجاب تساؤلات تتمحور حول الحدث…

ماذا خسر العالم المسيحي برحيل البابا فرنسيس؟

وفي هذا السياق قال الخوري قسطون:” في الإيمان المسيحيّ، نقارب مسألة موت الجسد على ضوء إيماننا بالقيامة وبالتالي لا ينعتبر الموت نهاية بل انتقال إلى الحياة الأبديّة. وبالتالي، لن اقارب السؤال المطروح من زاوية الخسارة إنطلاقًا من الآيتين:

  • “أنا القيامة والحياة من آمن بي، وإن مات، فسيحيا وكل من يحيا ويؤمن بي لن يموت أبدًا” (يوحنا 11: 25-26)
  • فالحَياةُ عِندي هي المسيح، والمَوتُ رِبْح” (فيلبي ١:‏٢١)

فالكنيسة التي هي جسد المسيح السرّي، لا يرتكز وجودها أو استمرارها على شخصٍ واحد، بل على عمل الروح القدس الذي يُجدّدها ويقودها ويلهمها على الدوام.

وأضاف:” وعليه، الأجدى أن نتأمل فيما ربحه العالم والكنيسة معًا من خلال حبريّة البابا فرنسيس. لقد تابع البابا فرنسيس مسيرة البابوات بعد المجمع الفاتيكاني الثاني، كلّ بأسلوبه ووفق المعطيات التي رافقت حبريّته.”

وأكمل الأب قسطون متحدثًا عن شخصية البابا قائلاً:” إنّ شخصيّته المتواضعة والمرحة جذبت الكثيرين، خاصّة الشباب التوّاقين إلى كنيسة مفتوحة الأبواب لمن يبحث عن الله أو لمن ييحث حتى عن مجرد الإصغاء إليه خاصّةً أنّه حاول أن يوائم على الدوام بين تعاليم الكنيسة الثابتة وضرورة التعاطي مع تحدّيات العصر”.

وتابع:” ساعده في ذلك ترسيخه لمفهوم الشراكة في القرار الكنسيّ أو ما نطلق عليه تسمية “السينودوسيّة”، إنطلاقًا من إيمانه الوطيد بوجوب الإصغاء إلى كلّ مكونات الإنسانية للبحث عن حلول ناجعة لجراح الكنيسة ولجراح العالم.

ترافق ذلك مع جرأته في مقاربة قضايا الحرب والسلام حيث اتّخذ مواقف واضحة دون مواربة كما هو حال مسألة حرب غزّة مثلًا. كذلك كان جريئًا في مقاربة مسائل الإصلاح المالي والإداري والإنسانيّ داخل الكنيسة.”

وفيما يتعلق بمميزاته قال الأب قسطون:” من اهمّ ميزات حبريّته مقاربته لمسائل العدالة الاجتماعيّة إذ منح الفقراء والمهمشين مساحةً واسعة في قلب الكنيسة ودفع بالكنيسة إلى مواجهة قضايا شائكة بأسلوب أكثر إنسانية دون المساومة على المبادئ رغم كل حملات التشويه التي تعرّض لها وسوء الفهم لمفهومي الرحمة وشمولية الخلاص”.

وأكمل :” أعتقد أن أكثر ما هوجم بسببه هو بنظري ونظر الكثيرين أكبر ربح للكنيسة إذ أكّد على ضرورة الفصل بين الخطيئة والجريمة فالخطيئة تواجَه بالتوبة التي تعين الإنسان على اعادة اكتشاف وجه الله الرحوم الّذي، بغفرانه يحرّر الإنسان من الدّاخل كي يميّز في حياته بين صوت الله وأصوات العالم.

لكل هذه الأسباب، لا يمكننا اعتبار عبوره إلى الحياة الثانية خسارة لأن موت الجسد لن يستطيع محو إرثه الباقي مكتوبًا أو مسموعًا فالكنيسة تُحافظ على جوهرها بينما تتكيّف مع كلّ مرحلة جديدة.

 ما المطلوب في المرحلة القادمة من الكنيسة الكاثوليكية؟

في هذا السياق، قال الأب قسطون :” المطلوب من الكنيسة في هذه المرحلة فهو الصلاة على نية انتخاب بابا جديد يتابع مسيرة أسلافه العظام في تجديد البنى الكنسيّة عبر تعميق الإصلاحات التي بدأها البابا فرنسيس، خاصّةً في الشفافيّة الإداريّة والانفتاح على العالم ومتابعة رؤيته اللاهوتيّة لجهة التوازن بين الرحمة والحق.”

ليختم الأب قسطون :” إنتقال البابا فرنسيس يدعونا إلى التذكر بأنّ الكنيسة لا تقوم على الأفراد بل على المسيح الذي وعد بأن “أبواب الجحيم لن تقوى عليها” (متى ٦ : ١٩). لذلك سيرشد الروح القدس الكنيسة إلى من يخلف البابا فرنسيس.

فالمطلوب منا هو الثقة بإلهنا لاستكمال مسيرتنا الإيمانيّة والكنسيّة. فحين انتخب البابا، كتب كثيرون بأنّ البابا فرنسيس سيكون “بابا الفقراء”. في حينها، كتبت مقالًا بعنوان “كنيسة للجميع” وهو عنوان يختصر إرث هذا البابا العظيم الّذي جعل أبواب الكنيسة مفتوحة لكلّ باحث عن رحمة الله.

رحم الله البابا فرنسيس ونسأل الله أن يمنحنا على الدوام رعاةً وفق قلبه!

اترك تعليقاً