الأحد الأول بعد عيد الصليب

الخوري نسيم قسطون-

في المؤسّسات أو الشركات، يسود أحياناً منطق الخدمات والمنافع والسعي لتحقيق أكبر المكاسب وهو نفس ما نراه في إنجيل اليوم (مرقس 10: 35-45)، في طموح يعقوب ويوحنا، قريبي الربّ يسوع قبل أن يكونوا رسوليه، وقد افترضا أنّهما الأجدر أو الأحقّ بالمناصب في مجد الربّ بحكم القرابة!

كثيرون يبحثون عن المناصب في هذه الدنيا ويطمحون إلى إرتقاء السلّم الإجتماعي نحو القمّة…

بالطبع، الطّموح هو من الخصال الحميدة في الإنسان ولكنّه يضحي سمةً خطيرة إن تحوّل إلى طمع وجشع يتحقّق على حساب النّاس أو القيم!

كذلك في الحياة المسيحيّة، يطمح الكثيرون إلى عيش حياةٍ هانئة وسعيدة وهو طبعًا أمرٌ مشروع ولكنّه يضحي خطرًا إن تحوّل هذا الطموح إلى نوع من الأحلام الورديّة بدنيا خياليّة…

الواقعيّة الموجودة في نصّ اليوم أساسيّة لكلّ مسيحيّ فهي تبيّن له أن المسيحيّة هي سرّ سعادة وفرح وسط الضيقات وعبرها لأن تركيز الإنسان المؤمن يكون على حضور الله في حياته وإدراك هذه النعمة الدّائمة مهما واجهه من ظروفٍ خارجيّة أو من هموم تحجب كالغيوم وجه السّماء ولكّنها لا تلغي وجودها!

المشكلة الأكبر ربّما هي في عدم تقرّبنا بشكلٍ كافٍ من المسيح…

فحتّى تلاميذه ورسله الّذين رافقوه لم يكونوا دائمًا على مقدار كافٍ من الإدراك لمن يباركهم بحضوره!

فبدل أن يكون الربّ محور حياتهم، يظهر النصّ بأنّ بعضهم كان لهم همومٌ خاصّة كهمّ والدة إبني زبدى…

جواب الربّ يسوع أتى حاسماً لجهة التأكيد على أولويّة الخدمة إذ قال: “مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُم عَظِيمًا، فلْيَكُنْ لَكُم خَادِمًا”.

كم يحتاج مجتمعنا المعاصر لهذا المبدأ!

نعيش في زمنٍ يحتاج فيه الناس إلى التواضع لتجاوز العديد من الأزمات التي تسبّبها الأنانيّة والبحث عن تمجيد الذّات أو السعي إلى التقدير على المستوى البشريّ.

يعيد هذا النصّ تصويب رؤيتنا ومنهجنا في هذه الحياة فالمسيحي يكفيه أن يحمل اسم الربّ يسوع كي يدرك بأنّ عليه أن يكون كيسوع أو على الأقلّ أن يسعى ليكون مثله!

الخدمة هي الباب للتشبّه بالربّ يسوع وهو ما علينا أن نسعى إليه في كلّ آنٍ وأوان!

إنجيل اليوم يدعونا إلى عيش روح الخدمة كي نحقّق دورنا في إرساء مجد الله في حياتنا.

 

اترك تعليقاً