الخوري نسيم قسطون:
كم مرّة نسير في درب الربّ “عكس السّير” فنبتعد بدل أن نقترب!
نظنّ بأنّنا نبحث عنه في دروبٍ كثيرة فيما، حقيقةً، نكون قد تركنا الحقيقة خلفنا…
من اليأس إلى الإيمان!
ما من عنوان أجمل لنصّ من أشهر نصوص إنجيل لوقا، نصّ تلميذي عمّواس (لوقا 24: 13-35).
ترك التلميذان أورشليم بعد أن شهدا موت المعلم والقائد والحلم…
لقد غمرهما اليأس لدرجة أنّهما سردا لرفيق الدرب الغريب كلّ الرواية وحتى إشاعات قيامة الربّ دون أن يخرجا من اليأس والقنوط، مما دفع الزائر إلى لومهما قائلًا: “يَا عَدِيـمَيِ الفَهْم، وَبَطِيئَيِ القَلْبِ في الإِيْمَانِ بِكُلِّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاء!”.
نشبههما كثيرًا نحن…
في يأسنا وقنوطنا وفي إبتعادنا عن “أورشليم” إيماننا، كنيستنا!
نبتعد ونبحث في أمكنة كثيرة وفي عقائد أخرى وفي جماعاتٍ أخرى… عن يسوع فيما هو معنا في كلّ الوقت ونحن غافلون عن حضوره، كما غفل عنه تلميذا عماوس.
درب عمّاوس هو درب كلّ واحدٍ منّا… فكم مرّةً نغادر الجماعة ونشرع بمغامراتنا ظنّاً منّا بأنّ الأمور وصلت إلى حدّها النّهائي…
ربّما أزعجنا أحدهم أو إحداهنّ وأوصلونا إلى درجة القرف أو تفضيل البعد عن الجماعة لنرتاح من ضغطٍ ما أو ممّا يكدّرنا أو يحزننا…
قد تشعر بحريّتك إلى حين خارج الكنيسة، ولكنّك ستدرك أن حريّتك مصانة أكثر في حضن الكنيسة الأمّ وحاضنة الكنيسة المعلّمة!
الخلاصة هي أنّنا لن نجد يسوع إن ابتعدنا عن الكنيسة حيث يسوع حاضر في كلمته وفي جسده ودمه.
فما قام الربّ في أثناء لقائه بتلميذي عماوس حين “فَسَّرَ لَهُمَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ في كُلِّ الكُتُبِ الـمُقَدَّسَة، مُبْتَدِئًا بِمُوسَى وَجَمِيعِ الأَنْبِيَاء” و”إنْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا” عند كسر الخبز يهدف إلى أنّ نفهم بأنّ حضوره في حياتنا لم يعد مادياً، كما كان قبل القيامة، بل روحياً في أسرار الكنيسة وفي جماعة المؤمنين.
لقد رافق الربّ يسوع التلميذين على الدرب المعاكسة لأورشليم فقادهما دون أن يشعرا إلى اتّخاذ قرار العودة إلى حاضنة الإيمان ووديعة الخلاص…
إنجيل هذا الأحد هو دعوة صريحة لكلّ مؤمن للعودة إلى أحضان جماعة المؤمنين، الكنيسة، حيث يتجلّى يسوع بكلّ وضوح في الكلمة والقربان والأسرار وأعمال الرحمة.
فلنعد الأدراج من عماوس إلى أورشليم ولنتّحد بالمسيح القائم من بين الموت في قلب كنيستنا!
Share via: