الأحد الثالث عشر من زمن العنصرة

الخوري نسيم قسطون –

في إنجيل هذا الأحد (لوقا 8: 1-15)، نجد قراءة واقعيّة لما كان
وسيكون عليه النّاس في علاقتهم بالله تتجاوز حدود الزمان والمكان
لتشكّل توصيفًا لواقع الكنيسة والمؤمنين وحتى لِمَن هم خارجها.
يذكّرنا المقطع الأوّل بكنائسنا خلال أيّام الأسبوع حيث تجد بعض
الرّجال وبعض النسوة الّذين يشابهون "حرّاس الهيكل"، يتواجدون فيه
إلى أن يقعدهم المرض أو يغيّبهم الموت…
هم الأمناء حتّى اللحظة الأخيرة بعفويّة وبساطة إيمانهم وقد كان لي
على الدّوام حوارات غنيّة أثبتت لي أنّهم يتقبّلون الحداثة أكثر بكثير
أحيانًا ممّن هم أصغر سنًّا ولكن يعاندون لا لشيء سوى "تسجيل
المواقف"!
في المقطع الثاني، نرى مشهد كنائسنا يوم الأحد حيث يكثر النّاس
ويحتفلون بسرّ الإفخارستيّا حيث يصغون في قسمه الأوّل لقراءات
من الكتاب المقدّس.
ولكن، حيث لا يتمّ شرح القراءات، يشعر الحاضرون في الكنائس
بعدم الإرتواء أو بأنّهم لم يغتذوا من الكلمة كما سيغتذون من القربان
المُقدّس في القسم الثاني من الإفخارستيّا.
ولذا يأتي تفسير القراءات في وقت مقتضب ليعطي المؤمنين زوّادة
كما فعل الربّ في القسم الثالث من إنجيل اليوم.
فلنفحص اليوم ذواتنا ولنسألها في أيّ من الأراضي الّتي عدّدها الربّ
نصنّف ذواتنا؟
 مسيحيّو جانب الطريق هم الّذين يهبّ فيهم الحماس في بعض
المناسبات الرّوحيّة أو الطائفيّة فيما إلتزامهم العمليّ والرّوحيّ
يوازي الصفر أو اللامبالاة… هم مسيحيّو التنظير والمناكفات
والمخاصمات البعيدون كليًّا عن روحانيّة الربّ يسوع الّذي،
أحيانًا، ينتقدونه لأنّ تعاليمه بنظرهم بعيدة عن الواقع وهم يعتبرون

بأنّهم أشطر بإدارة شؤون الكون فيما معظمهم لم يعرف بعد أن
يدير بيته وعائلته!
 مسيحيّو الصخرة هم الّذين ينضمّون إلى الجماعة في أيّام الأحد أو
في الأعياد فيما حياتهم العمليّة خالية من وجود الربّ يسوع فيها
كسندٍ ورفيق للطريق… شعارهم: "وشو فيّا؟!" أي ما المشكل إن
كنّا مزدوجي الحياة: مسيحيّون بالإنتماء وغير مسيحيّين في
الواقع؟!
 مسيحيّو الشوك هم الغارقون في الدنيا… يصلّون ولكنّ لا يصلون
بصلواتهم إلى مستوى تحرير قلبهم من حبّ الدنيويّات فتصبح
السهرة والضهرة والكيف هي مقياس دنياهم وهم من الغير مهتمّين
إجمالاً بأيّ شيء سوى متعتهم ورفاهم!
 يتبقّى النوع الأخير الّذي يدعونا الربّ لنكون منه…. ولكن يبقى
علينا أن نقرّر بأن نثبت في يسوع وأن نكون أرضًا صالحة حيثما
وضعنا: بيت، عائلة، بلدة، عمل، رعيّة…
فاليوم نسأل ذواتنا: "ماذا ينقصنا لنكون أرضًا طيّبة"؟
الزارع يعلم أين الأرض الخصبة، ولكنّه، وفق النصّ، يعمد إلى نثر
الزرع في أماكن عدّة في صورة رمزية إلى حلم الله وصبره الّذي
يعطي الإنسان، أي إنسان، فرصًا عديدة ليخرج من قساوته (الصخر)
أو من غرقه في الهموم (الشوك) أو من إيمانه السطحيّ (جانب
الطريق) …
قد يقول أحدنا: "لو كان الزارع حكيمًا، لما بدّد الحبوب"!
الإجابة: يسوع يتكلّم اليوم عن الإنسان الّذي له القدرة وفق توبته أو
رغبته وتجاوبه مع الربّ على التحوّل من أرضٍ قاحلةٍ إلى أرضٍ
خصبة تنمو فيها كلمة الله!
فمن أيّ فئةٍ أنت؟!

اترك تعليقاً