الأحد الخامس عشر من زمن العنصرة

الخوري نسيم قسطون –

في مجتمعنا المعاصر، يعبأ النّاس بما يفيدهم ماديًّا أو إجتماعيًّا… فيما نجد أنّ مغفرة الخطايا التي تنتج من التوبة لا تدخل في جدول أولويّاتهم…

تحدّث عدّة باباوات في القرن الماضي والحالي عن أزمة فقدان الإحساس بشناعة الخطيئة وبمدى إنعكاسها سلبًا على الإنسان الّذي يفقد رويدًا رويدًا فرحه وسلامه من جرّائها!

كما أشاروا أيضًا إلى أهميّة غفران الإنسان لأخيه الإنسان وأشاروا إلى مدى تفشّي ظواهر الحقد والإنتقام في شكل الحروب أو النزاعات…

في هذا الأحد، تتأمّل الكنيسة في رحمة الله وغفرانه من خلال مثل المديونين والحوار عن المرأة الخاطئة (لوقا 7: 36-50).

الإشكاليّة الأساسيّة التي يعالجها إنجيل اليوم هي في إعتبار بعض النّاس كسمعان الفرّيسيّ بأنّهم أحق بمغفرة الله وبرحمته من باقي النّاس وتمثّلهم في النصّ هنا المرأة الخاطئة.

كثيرون منّا، متى نالوا المغفرة في سرّ التوبة، يظنّون بأنّه أصبح لهم الحقّ في دينونة الآخرين…

في هذه الحالة، ودون أن يدركوا ذلك حتّى، يرتكبون ما هو أشنع من خطاياهم السابقة، وهو الدينونة التي طالما حذّرنا منها الربّ!

وهنا لا بدّ من التأمّل فيما قامت به المرأة الخاطئة التي كسرت الحاجز والجدران المرعبة للشريعة والتقاليد التي سيّجتها لها الخطيئة حين قرّرت، من دون دعوة، القدوم إلى الربّ وطلب الغفران أمام كلّ الحاضرين ومنهم ربّما من ارتكبت الفحشاء معهم…

لقد فاقت الفرّيسيّ كرماً فهو اقام ليسوع وليمة للتشاوف أمّا فهي فأقامت وليمة روحيّة في داخل قلبها حيث امتزج الطيب (المادة المشتراة) مع الدموع (الداخل) النازلة من عينيها أي كيانها ورغبتها في الخروج والانتصار على سلطان الخطيئة والشر إلى امتلاك النعمة والتبرير والطهارة.

وأنت؟

كم من سياج بنيت حول ذاتك بفعل الخطيئة أو بالتعدّي على حقوق الغير أو بالادّعاءات الكاذبة وكم من حصون وحماية لذاتك بالنعمة قد عملت على هدمها وفقدانها؟؟

تعال إلى المسيح وارتمِ عند قدميه وقدّم له ذاتك وهو لا يريد أكثر من هذا “يا بنيّ أعطني قلبك”. تعال إلى يسوع وخذ وقتك وانظر إلى ذاتك وإليه وسترى النتيجة واكشف ذاتك أمامه…

هل أنت في خوف معين من أمرٍ ما؟ ما الّذي يشعرك بالإحباط والتعب؟  وما هي نقاط الضعف والفشل في حياتك؟

تعال إلى الربّ يسوع واطلب منه المعونة والقوة والرحمة والنجاح، أنظر إلى يسوع على الصليب الّذي حوله من خشبة عار إلى رمز المجد… هناك، ستجد ذاتك ويتحوّل الفشل إلى نجاح والمرض إلى شفاء واليأس الى رجاء والخوف إلى شجاعة والقلق والاضطراب إلى سكينة واستقرار والحزن يصير مصدر فرح والضيق مصدر سعة ويتحول الشقاء والذلّ الى رحمة ورأفة الرب.

في إنجيل اليوم، يدعونا الربّ يسوع إلى جعل الغفران أولويّة في حياتنا ولن يكون بمقدورنا ذلك ما لم نختبر قوّة التوبة وأهميّتها في حياتنا!

فالتوبة ستُعيد إلينا صفاء صورة الله فينا وعندها سنقدر بقوّة القادر فينا، أي الربّ، على الغفران والمحبّة!

اترك تعليقاً