الأحد السابع من زمن القيامة

الخوري نسيم قسطون:

في هذا الأحد الأخير من زمن الصوم، نتأمّل معًا في هذا النصّ من إنجيل يوحنا (13:  31-35)، الحامل في طيّاته لوصيّة يسوع الجديدة وهي: “وَصِيَّةً جَديدَةً أُعْطِيكُم، أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُم بَعْضًا. أَجَل، أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُم بَعْضًا كَمَا أَنَا أَحْبَبْتُكُم. بِهـذَا يَعْرِفُ الـجَمِيعُ أَنَّكُم تَلامِيذِي، إِنْ كَانَ فيكُم حُبُّ بَعْضِكُم لِبَعْض”.

وصيّة جديدة تختصر ببضع كلمات كلّ الوصايا والتعاليم السّابقة…

لقد إعتدنا على إستخدام كلمة وصيّة في حالتين: عندما نتحدّث عن الوصايا العشر وعندما نتحدّث عن إرادة شخص سيفارق الحياة أو فارقها تاركًا نصًّا فيه رغباته الأخيرة!

الوصيّة التي نحن بصددها اليوم تبقى جديدةً رغم مرور وقتٍ كبيرٍ منذ أعطاها الربّ يسوع إلينا لأنّنا، في معظم الأحيان، لا نعيش وفقها أو نستنسب في هذه المحبّة وفق الغايات أو المصالح الآنية أو المرحليّة أو حتّى الدائمة!

“بِهذَا يَعْرِفُ الجَمِيعُ أَنَّكُم تَلامِيذِي، إِنْ كَانَ فيكُم حُبُّ بَعْضِكُم لِبَعْض”.

حين نقرأ هذه الكلمات، نتوقّف أمامها لنفحص ضميرنا حول مدى مطابقة حياتنا لها!

فليست المحبّة دائماً معيار سلوكنا وعلاقاتنا، إن كان على المستوى الضيّق أو الأشمل!

مع الأسف، تسيطر الأنانيّة أحياناً على سلوكنا وعلى حياتنا وتعيقنا عن التواصل الصحيح مع النّاس الّذين نحيا معهم داخل مجتمعنا… ومن المعلوم أنّ الأنانيّة والمحبّة نقيضان ومن الصّعب أن يتعايشا في دائرةٍ واحدة.

كلام الربّ يسوع يتوجّه إلينا اليوم كي نعيد تقييم حياتنا على ضوء محبّته لنا ودعوته إلينا كي نحبّ بعضنا بعضاً كما أحبّنا هو فافتدانا وخلّصنا!

 تبقى هذه الوصيّة المعيار الأساسيّ لعيش الحياة المسيحيّة بصدق فالمحبّة هي الأساس في منظومة بناء السلام والتآخي، وسط كل ما يعصف في المجتمعات والدول من أسباب خصام وحروب!

وصيّة المحبّة تدعونا لنجدّد قلوبنا فنحيا متحرّرين من سجن الكبرياء أو الأنانيّة أو الخلافات فنحلّق من جديد في سماء المحبّة!

إذ نقرأ هذا النصّ بعد عيد الصّعود مباشرةً وقبل زمن العنصرة، تدعونا الكنيسة كي نضع نصب أعيننا هذا الكلام وكي نعتبره كوصيّة أخيرة من الربّ يسوع إلينا كي نعيشها في الكنيسة ومعها ومن خلالها، وكي نعتبره بمثابة أعزّ طلبٍ من يسوع إلينا لأنّه يختصر كلّ ما أتى من أجله وما قام به من أجلنا ومن أجل خلاصنا، ألا وهو المحبّة!

في هذا الأحد، فلنتعلّم أن نُحبّ يسوع وأن نُحبّ كيسوع، في مدرسة المحبّة الدائمة، مدرسة الآب والإبن والرّوح القدس، الإله الواحد المُقدّس والمُمجّد بالمحبة! آمين!

 

اترك تعليقاً