الأحد السادس بعد عيد الصليب

الخوري نسيم قسطون

يوجد تقارب كبير بين إنجيل اليوم من متى 25: 14-30 ونصّ لوقا 19:  11-28 عن الأمناء الموزّعة على العشرة عبيد مع فارق هو أنّ توزيع الحصص غير متساوٍ في إنجيل اليوم.

نلاحظ أنّ العبدين الأوّلين قد ضاعفا وزناتهما وهو ما يعني عمليّاً أنّ الإنسان الّذي يولد بمواهب وقدرات معيّنة مدعو لتطويرها وليضيف إليها قدراتٍ أخرى. أمّا العبد الأخير فقد تكاسل رغم أنّ مسؤوليته أقلّ بكثير وهي حالة الكثيرين ممّن:

  • لديهم المواهب والقدرات، ولكنهم يدفنونها في روتين حياتيّ مملّ وأنانيّ فيصبحون مستهلكين للوقت لا أشخاصاً ينبضون بالحياة وهذا من أبرز إشارات “الوفاة حياتياً” لا جسدياً.
  • لا يعنيهم شأنٌ عام ولا تعنيهم مشاكل مجتمعهم، بل جلّ ما يعنيهم هو أنانيّتهم وأفكارهم الذاتيّة وأحكامهم المسبقة التي رأينا نموذجاً منها في أفكار العبد الثالث تجاه سيّده…

لكل ذلك قيل في هذا العبد: “وهذَا العَبْدُ الَّذي لا نَفْعَ مِنْهُ”!

فمتى ينطبق هذا التوصيف علينا؟

  • ينطبق في كلّ مرّة نعيش الاكتفاء والطمأنينة ضمن إطارٍ روتينيّ لا مكان فيه لتجسيد رسالتنا كشهودٍ للربّ في وسط العالم…
  • ينطبق علينا حين ندفن عطايا الربّ ومواهبه عبر امتناعنا عن استخدامها أو حصر هذا الاستخدام في إطارٍ خاصّ وضيّق بعيداً عن الانفتاح عن الآخرين!

من هنا، تطرَح الأسئلة التالية على كلّ واحدٍ منّا:

  • كم من بيننا يملكون القدرة والوقت والمعرفة ومع هذا يميلون إلى البقاء على هامش مجتمعاتهم لأنّهم ببساطة كسالى كالعبد الثالث أو لا يتمتّعون بالجرأة الكافية للدخول في معترك الحياة؟!
  • كم من بيننا يملكون القدرة والوقت والمعرفة لمساعدة الناس في بلداتهم وقراهم ومع هذا يميلون إلى البقاء على هامش الأزمات أو يكتفون بالكلام فيما المطلوب منهم هو العمل، ولكنّهم ببساطة أنانيّون أو فاقدون للإحساس بألم الآخرين؟!

أمّا بالنسبة لعدم التساوي في الوزنات فهو يعني التالي:

  • لا يوجد إنسانٌ في الدنيا محرومٌ من قدرات أو مواهب محدّدة…
  • يوجد تفاوت ما بين الناس في القدرات والمواهب…
  • لا يحمّل الربّ الإنسان فوق قدراته، بل يراعي مقدرة كلّ منّا فيما يمنحه إيّاه من مسؤوليّات.

إنجيل اليوم يدعونا إلى:

  • تمييز ما وهبه لنا الله كي نطوّره ونفض الغبار عن كنوزنا المدفونة فنعود مثمرين في حقول الربّ!
  • استثمار حياتنا بكلّ لحظاتها وأوقاتها فالحياة نعمةٌ لا يستفيد منها إلّا من أدرك كيفيّة عيش كلّ لحظةٍ بحماسٍ وفرحٍ…

يمنحنا الربّ الوقت كهديّةٍ ثمينة ويعطينا المواهب والقدرات اللازمة لجعله أجمل وأكثر معنًى كي لا نكون في نهاية حياتنا في موقف العبد الثالث أي رقماً إضافيّاً إلى مجموع البشر لا أشخاصاً تركوا بصمةً خاصّة في تاريخ من عرفوهم!!!

اترك تعليقاً