الأحد السادس من زمن العنصرة

بقلم الخوري نسيم قسطون – 

في الأحد السادس من زمن العنصرة، تتأمّل الكنيسة المارونيّة في نصّ متى 10: 16-25.

كثيرون يشكّكهم إنجيل اليوم لما يحمله من آياتٍ قد يصعب تفسيرها على من لم يتعمّق بتعليم الربّ يسوع بشكلٍ خاصّ وبمنطق الكتاب المقدّس بشكلٍ عام!

إحدى هذه الآيات هي: “هَا أَنَا أُرْسِلُكُم كَالـخِرَافِ بَيْنَ الذِّئَاب”…

من يرسل من يحبّهم إلى أماكن خطرة؟

هذا ما قد يخطر في بال من يقرأ هذه الآية ولكنّه يغفل ناحيةً مهمّة وهي أن الثقة تتخطّى كلّ الإعتبارات في العلاقة مع الله الّذي لا يفارقك ولو لم تشعر بحضوره أو دوره!

هذا ما يختبره يوميّاً معظم النّاس الّذين يشعرون، في معظم الأحيان، بحضور صديقٍ ما في وقت الضّيق ولو بعد غيبة أو يشعرون بالشجاعة في وقت لا يتميّزون عادةً بهذه الصفة أو بأنّهم استطاعوا أن يشهدوا للربّ فيما أنت عادةً لست متكلّماً أو خطيباً أو مفوّهاً؟!

من يركّز على الآية حرفيّاً يركّز على ضعف الخروف الواحد بمواجهة الذّئب ولكنّه يغفل أن قطيعاً متضامناً من الخّراف يفوق بقوّته قطيعاً جائعاً من الذّئاب الّذين يسعى كلّ منهم إلى إشباع ذاته!

المشكلة هي في إصابة القطيع ڊ”فيروس” الأنانيّة فيضحي منقسماً على ذاته!

 حينها، سيسهل اضطّهاده وحتّى اصطياده وهذا معنى كلام الربّ يسوع: “وسَيُسْلِمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلى الـمَوْت، والأَبُ إبْنَهُ، ويَتَمَرَّدُ الأَوْلادُ عَلى وَالِدِيْهِم ويَقْتُلُونَهُم “! والمثال على ذلك هو أنّ الربّ يسوع تركه الجميع وحيداً، معلّقاً على الصليب!

كلمة إضطهاد قد ترتبط في ذهن معظمنا بالإضطهاد التاريخيّ للمسيحيّين وهو ما حصل عدّة مرّات تاريخياً وما زال يحصل أحياناً.

ولكن، في أيّامنا، يتّخذ الاضطهاد أشكالاً أخرى وأكثر حداثة!

فالسخرية من المؤمن أو تسخيف معتقداته باسم العلم أو الثقافة كما التنمّر المنتشر في مجتمعاتنا، توازي ألم الاضطهاد الجسديّ!

المؤسف أنّ الخلافات التي عدّدها الربّ يسوع في إنجيل اليوم تتعاظم في مجتمعاتنا لأسبابِ معظمها ماديّة فينسى الكلّ رابطة الدم أو القربى ويعميهم الطمع أو الحقد ويضحي المحبوب مكروهاً والمكروه محبوباً أحياناً!

إنجيل اليوم يدعونا إلى فتح قلوبنا للرّوح القدس لنكتسب من الضيقات حكمةً ومحبّةً في آن فنبقي على العبر دون أن ننتقم لذواتنا وهذا معنى الآية: “حكماء كالحيّات وودعاء كالحمام”!

ولكن، كي تسهل المهمّة علينا أن نفتح له قلوبنا وعقولنا وأن ننفتح على كلمته وأن نتغذّى من قربانه وأن نستقي من تعاليم كنيسته فنكون أمناء للربّ، راجين محبّته لنا على الدوام رغم كلّ ما قد يناقض ذلك في الحياة اليوميّة أو الواقعيّة.

اترك تعليقاً