مع أحد الكهنة الراقدين، نبدأ بالفترة الاستعداديّة للصوم بأسابيع ثلاثة نستذكر خلالها وعلى التوالي الرّاقدين من الكهنة ومن الأبرار ومن الموتى المؤمنين.
في هذا الأحد نستذكر إذًا الكهنة الرّاقدين ونصلّي من أجلهم!
فكم كاهنٍ عرفت في حياتك أو كم سمعت عن كاهنٍ قام بما عليه ومضى إلى بيت الآب؟!
قد تكون سمعت عن هفوات، ولكن الأرجح أنّ أهلك أو كبار عائلتك قد ذكروا أمامك فضائل ومآثر من لم تعرف عنهم شيئاً إلّا بعد الممات لأنّهم عملوا الصّالحات خفيةً كي لا يتلقّوا مديح النّاس ولم يتكبّدوا عناء الدّفاع عن ذواتهم أمام الاتّهامات لأنّهم آمنوا بعدالة السّماء القائمة على الغفران أكثر من إيمانهم برضى النّاس الاستنسابيّ!
في هذا الأحد، نتأمّل في نصّ لوقا 12 :42 – 48 الّذي يقودنا إلى إستعادة أبرز محطّات حياتنا وما جرى فيها من أحداث، سواءً كنّا كهنةً أو علمانيّين.
نصغي إلى كلام الربّ يسوع وهو يحدّثنا عن الصفات التي يجب أن يتمتّع بها “الوكيل” وهي التكليف والأمانة والحكمة!
- التكليف إقتضى من الوكيل إعطاء حصّة الطعام في حينها للخدم.
- أمّا الأمانة فتجسّدت في وعي هذا الوكيل لدوره (تكليفه) ولحدوده في آن. والّتي تقتضي منه إحترام حدوده في العلاقة معهم.
- أمّا الحكمة فساعدته على عدم الوقوع في التجربة التي تعرّض لها العبد الثاني وهي هنا تجاوز حدوده وإهمال تكليفه الأساسي.
كلّ وكيلٍ في هذه الدنيا معرّضٌ لتجربة الإخلال بالأمانة ما لم يكن لديه الحكمة الكافية للقيام بالخيارات الأسلم والأنسب بالتوافق مع مقتضيات وكالته.
الحكمة والأمانة مترابطان كي تنجح أيّ وكالة يتولّاها إنسان في هذه الدنيا، فكم بالأحرى إن كان الوكيل مسيحياً أو كاهناً مكلّفًا بنشر نور المسيح إلى النّاس فالعالم أجمع؟
في تأمّلنا اليوم، كلّ واحدٍ منّا مدعوّ ليفحص ضميره على ضوء أفكار هذا النصّ ليتبيّن مدى “مسيحيّته” ومدى إلتزامه بالمهمّات “الكهنوتيّة” الثلاث: التعليم والتدبير والتقديس، التي كلّف بها يوم عماده، حين إكتسب الكهنوت العام، فأضحى من المدعوّين لتقديس العالم ولتدبيره ولتعليمه سبيل الخلاص والسعادة الحقيقيّة، وهو الإيمان الفعّال بربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح!
نصلّي اليوم من أجل الكهنة، خاصّةً الراقدين، ولكن، أيضًا، نتعلّم منهم أن نشهد للربّ وفق معطيات زمننا الحاضر فوكالتهم تمّموها بأساليب مناسبة للماضي بينما نسعى في زماننا للشهادة للربّ بأساليب جديدة، ولكنّها تبقى متوافقة مع جوهر رسالة كلّ مسيحيّ وهو أن يظهر للنّاس صورة الربّ النّاصعة وإن كان ضعفه البشريّ يعوقه احيانًا!
على كلّ كاهن وكلّ مسيحيّ أن يتعلّم ممّن سبقنا من الكهنة المبدأ التالي وهو: لا تجعل سعادتك ناتجةً عن مدح النّاس ولا حزنك ناجمًا عن آرائهم بك، بل كن في طمأنينة دائمًا إن كانت حياتك تعبيرًا عن سلام الله في داخلك!
Share via: