عند زيارة مدينة أوغاريت الأثرية، يلفت انتباه الزائر جرنٌ بازلتي ضخم، يربض في مكانه كحارس صامت لسرٍ عظيم، مضى عليه أكثر من أربعة آلاف عام. يقف هذا الحجر الصلب شاهداً على حضارة قديمة ما تزال تبهر العالم حتى اليوم، ويثير العديد من التساؤلات حول وظيفته وسبب وجوده في هذا الموقع المحدد.
طرحت البعثات الأثرية والعلماء عدة فرضيات حول استخدام هذا الجرن، فمن الممكن أن يكون:
- 
وعاءً لحفظ النبيذ الذي اشتهرت المدينة بصناعته وتصديره إلى ممالك البحر المتوسط. 
- 
مخزنًا لزيت الزيتون، الذي شكّل أحد أهم صادرات أوغاريت ومكونًا رئيسيًا في التجارة الأوغاريتية. 
- 
مكانًا لتخزين الماء ليبقى متاحًا للعامة، خصوصًا مع وجود بئر قريب. 
- 
وعاءً للزيوت العطرية التي كان يستخدمها المارة في الأسواق لاستعادة نشاطهم وبهائهم. 
رغم كثرة الفرضيات، ما زالت الحقيقة غامضة، وربما هذا الغموض هو ما يمنح الجرن البازلتي سحره ويحفز الزائر على نسج قصته الخاصة معه.
كانت أوغاريت، المدينة البحرية المزدهرة، بوتقة لالتقاء الحضارات وجسرًا للتبادل بين الشرق والغرب. وقد عكست شوارعها وأسواقها الحيوية وطبيعة أحيائها المزدهرة روح تلك الحضارة، وما زال صدى هذه الحيوية يتردد بين أطلال المدينة، حيث تحكي الحجارة والتراب والرياح قصة حضارة عظيمة.
يبقى الجرن البازلتي شاهدًا حيًّا على تلك الحقبة، مؤكدًا أن التاريخ ليس مجرد أحداث مضت، بل حوار مستمر بين الحاضر والماضي، حيث تبوح آثار أوغاريت بأسرار حضارة شكلت إحدى أبهى صفحات تاريخ البشرية.
 
		
		

 
							 
							