إنّ الأصل في الإنسان أن يُولد حُرًّا، وأن ينزع بطبيعته إلى الحرّيّة، غير أنّه كائن يتشكّل بما يعتاده ويألفه؛ فالعادة ـ بما لها من سلطانٍ خفيّ ـ هي أوّل أسباب العبوديّة المختارة. ذلك أنّ الشعوب نفسها هي التي تُخضع رقابها للطغيان، وتقدّم الطاعة لمَن يستبدّ بها، ولو أنّها كفّت عن خدمة جلّادها لتحقّق لها الخلاص وانفتح لها باب التحرّر.
فالشعب هو الذي يستعبد ذاته بيده، ويقدّمها قربانًا للطغيان؛ إذ يضع القيد في عنقه مختارًا، مع أنّ الخيار بين الحرّيّة والعبوديّة ماثل أمامه. بل إنّه ـ في لحظة وعيٍ مغيّب ـ يرضى بالبؤس طائعًا، لا بل يسعى إليه متوهّمًا أنّ فيه نجاته، في حين أنّه بوّابته إلى الهلاك.
إتيان دو لابويَسي
