العلاقات مثل أوراق الشجر، بعضها أخضر يانع، ممتلئ بالحياة، و بعضها أصفر ذابل، تذروه الرياح حيث تشاء. و كما أنّ الشجرة لا تحتفظ بكل أوراقها، فإنّ الحياة لا تبقي لنا كل من عرفناهم، فمنهم من يزدهر معنا، و منهم من يسقط من أغصان أيامنا.
حين نزرع شجرة، لا نبذر بذورها عشوائياً، بل ننتقي الأرض الخصبة، و الماء العذب، و الشمس الدافئة، لتزدهر و تثمر. كذلك العلاقات، لا يكفي أن تتفتح سريعاً كأزهار الربيع، بل يجب أن تمتد جذورها في تربة الوفاء، و تُسقى بماء الصدق، و تُضاء بشمس الاحترام. فمن زرع علاقاته على أرض صلبة، أظلته بفيءٍ لا يزول، و من نثرها في تربة هشة، جفّت و سقطت مع أول ريحٍ عاتية.
ليس كل سقوط خسارة، فالأشجار تسقط أوراقها لتستعد لربيع جديد، و كذلك العلاقات، حين تنتهي، قد تكون إشارة لبداية أنقى و أصفى. حين تسقط أوراق العلاقات دعها تسقط بسلام. لا تلعن الريح إن حملت ورقة بعيداً، بل تمنى لها أن تجد أرضاً أخرى تنبت فيها من جديد. فبعض العلاقات كأوراق الخريف، لا بد أن تسقط ليزهر القلب مجدداً، و بعضها كأوراق الربيع، تظل نضرة ما دام الجذر حياً.
العلاقات لا تُقاس بطول بقائها، بل بعمق أثرها. منها ما يبقى شامخاً كأشجار النخيل، و منها ما يتساقط كأوراق الخريف. لكن الحكمة ليست في التشبث بما ذبل بل في معرفة متى نروي، و متى نترك للريح حرية الاختيار.