وُلِدَ القديس سمعان سنة 521م في مدينة أنطاكية، من والدين مسيحيَّين تقيَّين هما يوحنا ومرتا، اللذان ربَّيَاه على روح التقوى والفضيلة. وما إن بلغ أشدَّه حتى قصد أحد الأديرة القريبة من أنطاكية، حيث تتلمذ للقديس يوحنا العمودي الذي كان يقيم فوق عمود داخل أسوار الدير. وهناك، عايشه زمنًا طويلًا، واكتسب منه فضائل رهبانية سامية.
ثم اختار لنفسه عمودًا عاليًا في جبل قريب، فأقام عليه ناسكًا متقشفًا، ملازمًا الصلاة والتأمل، مكتفيًا بالأعشاب غذاءً، وصائمًا أكثر أيامه. فأنعم الله عليه بموهبة صنع العجائب، فكان يطرد الأرواح الشريرة ويشفي أمراض النفس والجسد، فتقاطر الناس إليه يطلبون بركته وشفاءهم. وقد زاره أسقفا أنطاكية وسلوقية، وإذ شاهدا فضائله رسَّماه كاهنًا. عندها ازداد غيرته الرسولية ومثابرته على الصلاة، حتى بلغ قمة الحياة العقلية والروحية، وكان كثيرًا ما يُختطف بالروح ويظهر لمرضى بعيدين ليشفيهم بشفاعته.
ويذكر المؤرخون أنه كتب رسالة إلى الإمبراطور يوستينيانوس يحثه فيها على الدفاع عن تكريم الأيقونات ضد الهراطقة، داحضًا بدوره مزاعم النساطرة والأوطيخيين. وقد تُليت هذه الرسالة في المجمع المسكوني المنعقد في نيقية سنة 787، واستشهد بها الآباء لإثبات وجوب إكرام الأيقونات. وقد ثبَّت هذه الشهادة البابا أدريانوس الأول وأساقفة المشرق.
أقام القديس سمعان خمسة وأربعين عامًا على عموده، صانعًا العجائب ومرشدًا لتلاميذه الكثيرين الذين سلكوا طريقته، إلى أن رقد بالرب سنة 596م.
وقد لُقّب بـ “الحلبي” تمييزًا له عن القديس سمعان العمودي الكبير المعروف بـ “الأنطاكي”.
