بقلم أمين ألبرت الريحاني
يمكن لدور المثقف أن يتوزّع أيضًا على جبهتين مهمّتين إضافيّتَين
الجبهة الاقتصادية والاجتماعية: وهذا يتم، أو يتفعّل، انطلاقًا من أبسط المبادىء التي لا خلاف عليها، كالاقتصاد المنتج، أى تصنيع معظم القطاعات القابلة للإنتاج، كالصناعة الغذائيّة، والصناعة المعماريّة، والصناعة الساحيّة، والصناعة الفنيّة، وصولًا إلى الصناعات المتوسّطة الحجم والقدرات، كصناعة الألكترونيّات، وصناعة السيّارات
وهذه جميعا تستوجب التفكير الذي يؤدي إلى تصميم طريق الإنتاج، وتصميم المُنتَج وتسويقه. ومسألة التسويف تفتح أفقًا واسعًا لشبكات اتصال فعّالة في قلب لبنان، وشبكات اتصال فعّالة مع الخارج، بدءا بمرفأ بيروت ومطار بيروت الذين يجب أن يعاد بناءهما على مستوى المنافسة الدولية. ومؤخرًا وجهت نقابة المهندسين نداء للبدء بوضع تصاميم عالمية لأعادة إعمار مرفأ بيروت الدولي… هذا جميعًا يستوجب الكثير من التفكير الهندسي المعماري، والهندسي الاقتصادي والهندسي الاجتماعي. الهدف يجب أن يكون دائمًا هدفًا بعيد المدى، وهدفًا كبيرًا وهدفًا ثابتًا. معنى كلّ ذلك أن يتفضل المثقفون ليدلو بدلوهم ويجيبوا عن السؤال الكبير: أي لبنان نريد في المئوية الثانية؟ أي لبنان نريد في مطلع القرن الواحد والعشرين؟
الجبهة السلوكيّة: مع كل هذه الورشة الكبرى يُنتظر من المثقفين أن يوزعوا مشاركتهم باتجاهين: عين على جبهة محدّدة في السياسة أو الاقتصاد أو محاربة الفساد… وعين على ضبط السلوك الوطني. فإيقاع هذا السلوك يبقى واحدا على كلّ الجبهات المذكورة أعلاه. فورشة بناء الوطن تبدأ بالسلوكيّات الوطنية وتنتهي، أو لا تنتهي، بالأحلام الوطنية الكبرى. فالمثقفون اللبنانيون مدوون قبل سواهم للمباشرة بهذه الورشة التي لا يمكن لها أن تنطلق قبل التمهيد لها بسلسلة من الإشكاليات والجدليات والفرضيات المكتوبة والتي تشكّل القاعدة الصلبة لانطلاق ورشة بناء لبان الجديد
وكي يكون دور المثقفين فاعلًا في بناء لبنان الجديد لا بد من أن تتلازم هذه المسارات الأربعة تلازمًا متوازيًا ومتراصًّا في آن. أي تأخير في جبهة معينة من هذه الجبهات من شأنه أن يؤخِّر بل يعرقل سائر الجبهات. هي صيغة متكاملة لبناء الوطن الجديد، وأي تفريط بعنصر من عناصرها الأربعة من شأنه أن يطيح بها كاملة. فعلينا اتخاذ القرار الحاسم في الإقدام على بناء لبنان الجديد وإلا الويل والثبور وعظائم الأمور
Share via: