المطلوب دولة كأية دولة محترمة في بلاد الناس (2)

بقلم أمين ألبرت الريحاني

الدولة في بلاد الناس، هي التي تتكّل على أخلاقها قبل الاتكال على دستورها وقوانينها وأنظمتها. الدولة في بلاد الناس، دستورها الأخلاق، وقانونها الأخلاق، ونظامها الأخلاق

والدولة في بلاد الناس، حين تتحدّث عن الأخلاق يلتزم أبناؤها بعدد من السلوكيّات السياسيّة التي لا يحيدون عنها، ومنها

الشفافية: وهذه تعني ببساطة أنّ عملنا، في الشأن العام، أو الخاص، يلتزم بكشف ملفاتنا، وكشف نوايانا وكشف أرقامنا. فلا نُخفي شيئًا لأننا لا نخجل بما نقوم به بل نُفاخر، ولا هدف لدينا سوى ما نُعلنُه على الطاولة، لا تحتها. الدولة في بلاد الناس تعتبر ذلك أمرًا طبيعيًّا وأمرًا مُسلّمًا به. هو صفة ملازمة لكلّ الناس وإلا اتُهموا بلا أخلاقيّة مرفوضة

ثقافة الاستقالة: لستُ أدري من أين أتى معظم السياسيين في لبنان من أن عدم الاستقالة بطولة. لَيتهم يبحثون عن بطولات من نوع معاكس. فالاستقالة عينها هي جرأةٌ ومسؤوليّةٌ وضرورةٌ وخطوةٌ تدعو إلى الاحترام والتقدير. أما العكس فتزَلّفٌ وتمَلُّقٌ وصغارةٌ إلى حدّ الحقارة. لأنّ التمسّك بالمنصب، رغم كل الانتقادات أو الشُبُهات أو الاتهامات، موقفٌ يُقَزِّمُ صاحبه، ويضعُه موضعَ نقمة الناس عليه، وكرهِهِم له، وغضبهم منه. فهو بهذا السلوك المُشين يؤكد أنّ المنصبَ عنده أهمُّ من الناس، أهم من المواطنين، وبالتالي أهمُ من الوطن

ثقافة الفعل لا القَول: ألم يشعر أهل السلطة، بعد، أنّ الناس تَعِبَت منهم ومن كلامهم ووعودهم؟ ألم ينتبه أهل السلطة، بعد، أن المجتمع الدولي بشِقَّيه الساعي لمساعدة لبنان، وغير الساعي لهذه المساعدة، أنّه ملّ الوعود الفارغة، وأشار بكل وضوح أنّ الإصلاح لم يبدأ بعد، وكلُّ ما في الأمر كلامٌ حول الإصلاح بعيدًا عن أية خطوة فعليّة بهذا الاتجاه؟ ولَفَتَنا منذ بضعة أيّام أنّ بعض وسائل الإعلام قررت أن لا تنقلَ، بعد اليوم، خطَبَ أهل السلطة لأنه آن أوان الفعل لا القَول

 الدولة عندنا في تخبّط وضياع لأننا عاجزون عن اتخاذ قرارات حاسمة حول أية مشكلة تواجهنا. والسبب في ذلك سبَبان

الأول: أنّ منطق التراضي والاسترضاء ما زال يغلب على كلّ اعتبار آخر

والثاني: أنّ منطق تغليب المصلحة الوطنية ما زال ضعيفًا أو غائبًا كلّ الغياب

This Post Has One Comment

  1. عادل خوري

    حضرة الدكتور أمين، كلامكم سليم ١٠٠% فيا ليت بلادنا تصبح نصف ما هي عليه الدول الاجنبية أو على الأقلّ، العربية، مِن تحضّر وانفتاح وتطوّر والتي تعمل لبناء الأوطان وليس الثروات

اترك تعليقاً