بالصور: مكتبة السائح بطرابلس من اشهر المكتبات في الكرسي الانطاكي

من اشهر المكتبات في كرسينا الانطاكي المقدس وفي لبنان
أوجدها الاب إبراهيم سروج من الصفر… احد اباء ابرشيتنا الانطاكية طرابلس…
وهو ابن اخت الاديب الكبير عيسى فتوح…
جمعني به حب التوثيق والكتابة وخاصة لتاريخنا الانطاكي والوطن الواحد بالرغم من الحدود المصطنعة بين سورية ولبنان…وبعض المؤتمرات هنا وهناك…
احرقها التكفيريون في الزمن القريب…
راق لي ماكتبته عنها وعنه وهو التالي مع التحية للناشرة…
يلازم مكتبته في طرابلس منذ خمسين عاماً… الأب سرّوج: “المهم أن يغادرني السائل فرِحاً”
جودي الأسمر
يحدّق الأب ابراهيم سرّوج في شاشة الكومبيوتر، باحثًا عن رواية “العمى” لساراماغو، فيجد للكاتب البرتغالي روايات أخرى من عدة دور نشر، من ضمن أكثر من 106 آلاف كتاب تضمّه مكتبته “السائح” التي تبيع وتنشر الكتب بمبالغ زهيدة، لا يكترث “الأبونا” بأرباحها، فـ”المهمّ أن يغادر السائل فرحًا، وأن يزداد حبًّا بالقراءة”.
تشبه “السائح” جوهرة داخل ركام، تنفض الغبار عنها خطى زائر. من غير السّهل أن ينتبه المشاة إلى وجود هذه المكتبة الضخمة والعريقة؛ تتوارى في زقاق قديم في شارع “السرايا العتيقة” في طرابلس، بين محالّ الثياب المستعملة وخلف مبنى تراثي عثماني مهجور تحوّلت باحته إلى موقف للسيارات.
كان الخوري الأورثوذكسي (83 سنة) قد اختار منذ العام 1972، خلال تطوّعه في “حركة الشبيبة الأورثوذكسيّة”، أن يصبح جارًا للجامع المنصوريّ الكبير، فأنشأ مع رفيقين له “السائح” التي تعطي نموذجًا عن العيش الإسلامي- المسيحيّ في طرابلس، من خلال رجل دين يعرفه الكثيرون بـ”المسلم الأورثوذكسي”، ركن إلى هذه الصومعة ليسترسل في التنوير عبر الكتاب.
بعد دراسته اللاهوت في الولايات المتحدة الأميركية في معهد تابع للكنيسة الروسية، أصبح ابراهيم سروج كاهناً في رعية القديس جاورجيوس ولا يزال. ثم سافر إلى فرنسا ليحصل على دكتوراه في اللاهوت، ليعود إلى طرابلس ويؤسس عالمه “السائح” لنشر حبه للكتاب وللناس.
يقف الأب سرّوج في مكتبته التي يضيئها نور خافت، متحدّثًا عن محاولته لمواكبة الحداثة، فاجتهد في إدخال بيانات الكتب على الكومبيوتر “تستغرق العملية لدي شهورًا طويلة، ولا يزال جزء من الكتب غير مصنف”. في المقابل، كثيرًا ما تأكد الأبونا من أن مكتبته تضمّ كتابًا معينًا، برغم أنه غير مدرج في “السيستم”، فهو يهتدي إليه بحدسه أو ذاكرته بين مئات الرفوف وآلاف الكتب.
وعلى مساحة 600 متر مربع، تنتشر الكتب في مساحة المكتبة، في فوضى تكرس إحدى أهم ميزات “السائح”، كأنها تمتلك جاذبًا يعيد الزائر الى فضوله الفطري وتوقه للمعرفة. ومن يتجوّل في “السائح” يفاجأ بفسحة خارجية مشمسة، تضم مزيدًا من الكتب، تتوسّطها شجرة أكيدينا وكرسي خشبي “قد يوحي بأنّه هشّ لكنّني أتمدّد عليه من حين لآخر”.
ونادرًا ما يبقى الأب سروج وحيدًا في مكتبته – يعينه أحد أولاده الخمسة ويحبّه الشبيبة، فيقصده البعض لساعات وأيّام طوال، يساعدونه أو يتبرّكون بمعرفته الموسوعيّة ولغته الفصحى التي يستخدمها بيسر ليخاطب الناس، ومن بينهم الشّاب الجامعيّ نور الّذي يتابع دراسته في العلوم السياسية “شاب آدمي، سخّرنا الله لخدمة الناس بكل سرور”، يقول الكاهن، قبل أن يتابع معه مناقشة مقدّمة لكتاب عن ابن حزم الأندلسي.
ويلاحظ أنّ “جزءًا يسيرًا من الشباب يقصدون المكتبة بحثًا عن مراجع جامعيّة، وكثيرون يفضّلون أن لا ينفقوا مصروفهم على المطالعة”، مستطردًا “مساء أمس، دخلت صبية تسأل عن كتاب “الجريمة والعقاب” لدوستويوفسكي، وكان سعره 20 دولاراً وفق تسعيرة دار النشر. حاولت تشجيعها بدفع 20 ألفًا، وتستطيع أن تدفع المبلغ المتبقي بعد إتمامها القراءة. خافت السعر وتركت المكتبة”.
يفاجَأ زائر “السائح”، سواء اشترى كتابًا أو خرج خالي الوفاض، بكتاب أو عدة كتب يقدمها الأب سروج هدية، بعد أن يسأل عن دراسته واللغات التي يتقن ونوع قراءاته ؛ يقول “أنا لا أشكو الفاقة، وأكثر من ذلك لديّ فائض كتب تتبخر بسحر ساحر”.
إلى جانب الكتب باللغات الثلاث، تحتوي “السائح” على مراجع يونانية نادرة وأخرى باللاتينية والسريانية التي اطلع عليها واقتناها خلال حياته الكهنوتية، بالاضافة الى كتب حضارات قديمة، أدب، لغات، فنون، قانون، مجلات، موسوعات وقواميس، مؤلفات إسلامية ومسيحية ويهودية وأخرى عن الصوفية وديانات غير سماوية.
وحين يُسأل عن علاقته بالدين، يردّد قناعته “قل لي كيف تتصرف، أقول هذا إيمانك. الدين معاملة”، ويضيف “الأفعال أصدق إنباء من الأقوال”.
ويختم الأب سرّوج أنّ الطائفية هي “مأساة الأديان ورجال الدين والناس أجمعين”، مختزلًا نظرته للأديان في قول أبي العلاء المعرّي: “سبّح وصلّ وطُف بمكةَ جاهدًا… سبعين لا سبعًا فلستَ بناسك”.
من صفحى د. جوزف زيتون 

اترك تعليقاً