في حياة كل موظف بصمتان مميزتان؛ الأولى مادية، واضحة، تسجّلها الأجهزة بدقة متناهية، والثانية معنوية، عميقة، تبقى أثرًا لا يُمحى في الذاكرة.
البصمة الأولى هي تلك التي يضعها الموظف صباحًا على جهاز الحضور والانصراف، لتؤكد أنه وصل في الساعة 7:59 لا 8:01. إنها دليل انضباطٍ زمني، تقيس الدقائق والثواني بدقة لا تحتمل الخطأ.
أما البصمة الثانية فهي الأهم، لكنها لا تُقاس بجهاز إلكتروني؛ إنها بصمة الفكر والعمل والإنجاز. هي الأثر الذي يتركه الموظف في فريقه، وفي جودة ما يقدّمه، وفي رضا العميل، وهي التي تظلّ عالقة في الذاكرة لسنوات، وتشهد على القيمة الحقيقية للشخص.
المفارقة العجيبة أن بعض المؤسسات تركّز تركيزًا مفرطًا على البصمة الأولى، حتى تكاد تجعلها معيار النجاح والالتزام، بينما تترك البصمة الثانية — الأهم والأبقى — بلا قياس أو تقدير واضح.
هل يُعقل أن يُحتفى بموظف لا يقدّم قيمة حقيقية لمجرد أنه ملتزم بالدخول في الوقت المحدد، بينما يُغفل آخر قد يتأخر أحيانًا، لكنه في ساعة واحدة ينجز ما يعجز عنه فريق كامل؟
في النهاية، الإنجاز لا يُقاس بعدد الساعات التي تقضيها على المكتب، بل بالأثر الذي تتركه في عملك.
قد تثبت بصمتك على الجهاز وجودك، لكن بصمتك الحقيقية هي التي تثبت قيمتك.
