حاملات الطيب

You are currently viewing حاملات الطيب
لم يكن جسد الرب بحاجة الى الطّيب الزّكي التي أتت به حاملات الطّيب. لقد كان للقيامة الأسبَقِيّة على الدَّهن بالطّيب. لكن، بإبتاعِهِنَّ الطّيب اللائق ووصولِهنّ المُبكِر مع شُروق الشمس إلى القبر المُعطي الحياة، ازدرائهنّ بالخوف من غضب السّنهدرين ومن الحُرّاس العساكر الذين يَضبُطون القبرَ والمَدفونَ فيه، أظهرت النسوة القدّيسات إهتمامهنّ الصادق بالسيد.
كانت هَدِيّتُهنّ غير ضروريّة وتمّ تَعويضُها مئة ضعفٍ بظهور الملاك الذي كان غير منظور لهنّ حتى ذلك الوقت، وبالبُشرى التي كانت حقيقيّة تماماً – أن الإله-الإنسان قد قام وأقام معه البشريّة.
ليس الله بحاجة لِتَكريس حياتنا وكل قِوانا وقُدُراتِنا لخدمته، بل نحن بحاجة لهذا التَّكريس. نحن نأتي بحياتنا وخِدمتنا كالطّيب إلى قبر السيد. سوف نبتاع الطّيب اللائق – أي نَوايانا الحَسَنة. سوف نرفض أعمال الخطيئة منذ شبابنا حتى الآن، وبدلاً عنها سوف نبتاع الطّيب – أي نَوايانا الحَسَنة.
من المُستَحيل الجَمع ما بين خدمة الخطيئة وخدمة الله: فالأخيرة تُزيل الأولى. لن نسمح للخطيئة أن تجعل علاقتَنا بالله وبكل الأمورِ الإلهيّةِ فاترةً! لن نسمح للخطيئة أن تترك فينا سِماتِها أو أن تسيطر علينا بالقوّة.
كل مَن يلتحق في خدمة الله منذ أول شبابه ويبقى في الخدمة بِثَباتٍ يُخضِع ذاته لقوّة الروح القدس الأزليّة، ويضع في ذاته السِّمات المقدَّسة المملوءة نعمةً والصّادِرة من الرّوح، ويَحوز في وقت موافق على معرفة فاعِلة لقيامة المسيح، وتحيا روحُه بالمسيح، ويصير مُختارًا من الله أن يكون مُبَشِّرًا بالقيامة لإخوته وأخواتِه.
كل من أصبح عبدًا للخطيئة من خلال جهله أو مَيلِه للخطيئة، والذي دخل في لقاء مع الأرواح السّاقِطة، قد أضحى واحدًا منها وخسر في روحه العلاقة مع الله والإلهيّات – فليَشفِ نفسَه بالتوبة.
لا نؤجِّلَنَّ شفاءنا من يوم ليوم، كيلا يختَطِفنا الموت على غَفلةٍ، كيلا نحصل عاجِزين عن الدّخول إلى مَساكِن الرّاحة الأبديّة والتَّعييد، كيلا نُطرَد خارِجًا ونُلقى كالعشب اليابِس بنيران الجحيم التي لا تنطفئ لكنها لا تُفني.
إن الشّفاء من الأمراض المُزمِنة لا يحصل بسرعة وبشكل مُلائم كما يتخيّل الجهل. هناك سبب لماذا تَمنحُنا رحمة الله الوقت للتّوبة؛ هناك سببٌ لماذا يتوسّل جميعُ القدّيسين اللهَ كي يعطيهم الوقت للتّوبة. الوقت لازم لِمَحو آثار الخطايا؛ الوقت لازم لنا كي نتّسِم بعلامات الروح القدس؛ الوقت لازم كي نتطهّر من الدّنس؛ الوقت لازم كي نتسربل بلِباس الفضيلة، كي نتزيّن بالمَزايا الإلهيّة التي تُزَيِّن سُكّان السماء.قام المسيح بالإنسان الحاضر للقيامة، وأصبح القبر – القلب – هيكل الله مُجَدَّدًا.
قُمْ يَارَبُّ! خَلِّصْنِي يَا إِلَهِي! (مزمور 7:3)؛ إن خَلاصي يَكمُن في قيامتك العجيبة واللازِمة. آمين.
(من عظة للقديس إغناطيوس بريانتشانينوف)

اترك تعليقاً