في قلب منطقة الأغوار في الأردن، يمتد حقل داميا للدولمن كصفحاتٍ من الحجر تسرد قصص حضاراتٍ عاشت على هذه الأرض منذ آلاف السنين. تعود هذه المنشآت الصخرية الضخمة إلى نحو (3000–4000 سنة قبل الميلاد)، وهي من أقدم الشواهد الأثرية التي تؤكد عمق الجذور الإنسانية في المنطقة.

تُعرف هذه الهياكل باسم الدولمنز (Dolmens)، وهي عبارة عن غرف حجرية مبنية من صخور ضخمة، تشير الدراسات الأثرية إلى أنّها كانت تُستخدم كمقابر قديمة. وقد عُثر داخل بعضها على عظام بشرية ومرافق جنائزية، مما يدعم هذا الاعتقاد ويكشف عن عادات الدفن والطقوس الجنائزية التي كانت سائدة آنذاك.

ويُعدّ الأردن بحقّ بلد الدولمنز، إذ تنتشر هذه المواقع في أكثر من منطقة من شمال المملكة إلى جنوبها، في جرش والسلط والكرك والأغوار، لتشكّل معًا خريطة أثرية فريدة تُبرز قِدم التاريخ البشري على أرضٍ طالما كانت مهدًا للحضارات ومعبَرًا للشعوب.

هذه الصخور الصامتة في داميا لا تبوح بأسرارها بسهولة، لكنها تظلّ شاهدًا على عبقرية الإنسان الأول وقدرته على البناء والإبداع، ورسالة خالدة تذكّرنا بأنّ الأردن أرض التاريخ والقداسة منذ فجر الإنسانية.