ولدت تاودورا في الإسكندرية في أوائل القرن الخامس، لأسرة مسيحية غنية، وكانت تقية وبديعة الجمال. ارتبطت بشاب شريف وتقي، وعاشت معه حياةً مليئة بالقداسة والمحبة المسيحية الصادقة.
لكن عدو الخير أغرى أحد الشبان ليغويها، فرفضت في البداية وامتنعت عن طاعته، لكنها أخيراً انخدعت وسقطت بالخطيئة. وما لبثت أن أدركت فظاعة خيانتها ومخالفتها شريعة الله، فشعرت بندامة شديدة كادت تقودها إلى اليأس لولا إيمانها الراسخ. وإدراكاً منها لرغبتها في التكفير عن خطيئتها، تركت بيتها سرّاً عن زوجها، وارتدت ملابس الرجال متنكّرة باسم تاودوروس، ودخلت أحد الأديرة، مكرسة نفسها للتأمل والصلاة وأقسى أنواع التقشف.
تميزت تاودورا بفضائلها، ومنحها الله القدرة على صنع المعجزات. وفي إحدى مهماتها خارج الدير، قابلت إحدى الفتيات الشاردات التي حاولت إغوائها، فوبختها على سلوكها. لكن الفتاة ألصقت بتاودورا تهمة باطلة، فأخرجها الرئيس من الدير. ولم تدافع عن نفسها، بل سلمت أمرها لإرادة الله، وسكنت في كوخ قريب، معتصمة بالصبر، مستمرة في الصوم والصلاة.
وفي الكوخ أُعطيها ولدًا يُظن أنه ابنها، فاحتضنته وأطعمه مما كان لديها من حليب، وربّته على خوف الله وحب الفضيلة. استمرت على هذا الحال سبع سنوات، حتى رأف الرئيس بها فأعادها إلى الدير مع الغلام، فأقامت في قلية منفردة لمواصلة جهادها الروحي بالصلاة والتقشف مدة سنتين.
ومع شعورها بقرب أجلها، أوصت الغلام بحفظ وصايا الله، والسلوك الحسن بين الرهبان، والطاعة للرئيس، والابتعاد عن أي خطيّة. ثم استودعته الله، ورقدت بسلام في سنة 480.
وعند وفاتها، حضر الرئيس والرهبان للصلاة عليها، وما هموا بتجهيزها للدفن إلا أن دهشوا عندما اكتشفوا أنها امرأة. جثوا أمام جثمانها يستغفرونها عمّا أساءوا إليها. وعلم زوجها بما حصل، فتفجع عليها وطلب أن يتنسك في قليتها حيث عاش ومات بالقداسة، معتنياً بحياة التوبة والتقوى التي تجسدت في حياة زوجته العظيمة.
