وزّعت الجامعة الأميركية في بيروت شهادات البكالوريوس على 1396 من متخرجيها، في اليوم الثاني من حفل تخرجها ال56 بعد المئة، واعتُبر الاحتفال تكريماً لمثابرة وروحية وإنجازات متخرجي العام 2025، تخلله أداء جوقة الجامعة في نادي الموسيقى الكلاسيكية، حيث تجمّع الخريجون مع ذويهم بكل فخر وعزم، على استعداد لمتابعة مسيرتهم كخريجين من الأميركية.
وللمناسبة، القى رئيس الجامعة الدكتور فضلو خوري خطابا بعنوان “شباباً إلى الأبد”، دعا في خلاله الخريجين الى “العيش بهدف وقناعة، وحثّهم على المضي قدماً لتعميم القيم الدائمة للجامعة: الإنهاض، والتمكين، والتنوير، والتحويل”. ووصف التجربة الجامعية في الجامعة بـ”سباق فورمولا وان كان حامياً وبه شوائب، لكن الخريجين أكملوه بشجاعة ومهارة”. وقال: “عملتم جنباً إلى جنب مع بعض ألمع عقول جيلكم. وعلى غرار طاقم نقطة التوقف على حلبة سباق فورمولا وان، عملتم بتزامن وتنسيق متقن. الليلة، قبل أن تخطوا خطوتكم التالية، توقّفوا قليلًا. خذوا لحظة لتنظروا إلى ما حولكم، وإلى بعضكم البعض، وإلى هذا الحرم الجامعي التاريخي، وإلى الذين ساعدوكم للوصول إلى هنا: عائلاتكم، أساتذتكم، أصدقاؤكم. وفكروا في ما يعنيه التخرّج من الجامعة الأميركية في بيروت، ليس فقط وأنتم تحملون شهادة، ولكن أيضًا مهارات وأدوات وقيم وهدف”.
أضاف:”عساكم تستمرّون واضحين وهادفين. عساكم تتمسّكون بقوة بالحقيقة والنور، حتى عندما يزحف الظلام. عساكم تواجهون العالم بشجاعة وتستخدمون قواكم لرفع الآخرين فيما تنهضون. عساكم تعيشون حياةً غنية بالمعنى والفرح”.
وختم:”عبر كل التغييرات التي ستواجهونها، عساكم تبقون شبابًا إلى الأبد ، في إشارة إلى أغنية بوب ديلان وتردادها لما تتمناه الجامعة الأميركية في بيروت لخريجيها”.
ثم قدّم خوري الطالبة خطيبة الاحتفال ياسمين البرجاوي التي وصفها بـ”المثال الرائع على القيادة والعزم والخدمة”، لافتاً إلى “متابعتها لتخصّص مزدوج في الدراسات السياسية والإدارة العامة، إلى جانب تخصّص فرعي ثلاثي”. واشار الى أنها “حافظت على ممتازيّتها الأكاديمية فيما ساهمت بنشاط في الحياة الجامعية والمجتمع المدني، وعكس عملها التزاما عميقا بحقوق الانسان، والمشاركة المدنية والخدمة العامة، في الجامعة وخارجها”.
من جهتها، رَوَت البرجاوي رحلتها إلى الجامعة وعبرها، متأملة “الصلابة في وجه الأزمة والشجاعة للتمسّك بالأحلام. وعادت بالذاكرة إلى انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020 وهروبها من مكان الحادثة مع والدها”. وقالت:”أتذكر بوضوح أنني أمسكت بشيء واحد عندما هربنا من سيارتنا: كتابي التحضيري الثقيل لاختبار الكفاءة الدراسية (اختبار السات). في ذلك الوقت، لم أعرف السبب بالضبط. ربما كنت آمل أن يحميني، أو ربما اعتبرته رمزاً لأحلامٍ ومستقبل رفضت التخلي عنهم”.
وتحدثت عن “الشعور بالانتماء الذي وجدته في الحرم الجامعي قائلة:”وجدت مجتمعاً من المخلصين الذين تصرّفوا عندما تردّد الآخرون. مخلصون استجابوا للنداء عندما أطلقت أنا وأختي عملية إغاثة طارئة لمساعدة العائلات النازحة أثناء الحرب”، وقالت:”علمتنا الجامعة الأميركية في بيروت أن نعمل لتحويل الأفكار إلى واقع. لقد مثّل العام الماضي تحدياً فريداً لكل واحد منا، ومع ذلك فالأمر متروك لنا لإعادة قولبة السرد الذي ورثناه من الحرب والمشقّات. طوال رحلتنا، أثبتنا ما يعنيه حقاً أن نكون رواداً للتغيير، نتقدّم كل يوم لدعم مجتمعاتنا.”
وختمت بنداءٍ للخريجين ليمضوا قُدُماً بشجاعتهم. وقالت:”بينما نغادر بوابات هذه الجامعة، دعونا نمضي قُدُمًا بالشجاعة التي استلزمها بدء هذه الرحلة، الشجاعة التي يجسّدها التمسك القوي بأحلامنا. خريجو العام 2025، العالم ينتظر، وهو لنا لنحدّد شكله. أيُّ أحلام ستتمسكون أنتم بها”.
اما خطيبة الاحتفال كريستيانا فيغيريس، المؤلفة والديبلوماسية ومهندسة اتفاقية باريس التاريخية بشأن تغيّر المناخ للعام 2015 والتي حصلت على الدكتوراه الفخرية لهذا العام، فقالت:”لم تنالوا شهادة هنا فحسب، بل أصبحتم جزءاً من شيء يدوم: نبض قلب الجامعة الأميركية في بيروت.” ثم عبّرت عن إدراكها لما مرّ به الطلاب من صعوبات”.
وختمت: “نضجتم ليس فقط من خلال الدراسة الجامعية، بل من خلال الأزمات أيضاً، واستمريتم في النضال، هذا ليس بالأمر الصغير. ففي عالم يميل إلى وصف الشباب بالافتقاد إلى هدف، أثبتم عكس ذلك. لستم مجرّد صامدين. أنتم مبدعون. حوّلتم عدم اليقين إلى تعلّم، والشحْ إلى إبداع، والإحباط إلى وقود. من هذه التلّة، حدّقوا بشجاعة نحو الأفق. ولا تتبعوا النور فحسب، بل كونوا أنتم النور”.
