دير سيدة صيدنايا، من أشهر الأديرة في سوريا، حيث توجد به أيقونة صيدنايا الشهيرة المعروفة بـ”الشاغورة” هي من عمل القدّيس لوقا الإنجيليّ نفسه.
و”صيدنايا” جزء من محافظة ريف دمشق ترتفع 1350 مترًا وتبعد حوالى 25 كلم شمال دمشق على أحد منحدرات جبل القلمون.
وبحسب التراث المحلّيّ صيدنايا هو “مكان استراحة الغزال”. كما يُظنّ أنّه يعني “السيّدة الجديدة” بما أنّ كلمة “نايا” باليونانيّة هي “جديد” والجزء الآخر من الكلمة هو “سيّدة” بالعربيّة.
ولفظ “صيد” مرتبط بشكل عامّ بمعنى الاصطياد و”نايا” باللغة السريانيّة لاحقة شائعة خاصّة بالمكان لذلك فعلى الأرجح أنّ اسم صيدنايا هو “مكان الصيد”، وكان يوجد معبد للإله صيدون، إله الصيد الفينيقيّ، ينتصب في ذلك المكان الذي كان في الماضي السحيق غنيًّا بالغابات.
تاريخ نشأة دير سيّدة صيدنايا غير محدّد، وبحسب التقليد فأنّ الدير بناه الأمبراطور يوستينيانس الأوّل (527-565). ويأتي في الأسطورة أنّ الأمّبراطور كان يصطاد في منطقة القلمون فظهرت له العذراء مريم وأمرته ببناء دير.
فبدأ يوستينيانس بالعمل وعندما اكتمل البناء أصبحت ثيودورا، أخت الأمّبراطور يوستينيانس، أول رئيسة للدير.
لكن لا يوجد أيّ مستند من تلك الحقبة يثبت أنّ يوستينيانس هو الذي بنى الدير، والمؤرخين الذين عاشوا في العصر الوسيط يرد في أعمالهم أنّ الدير أسّسته أرملة خلال العصر البيزنطيّ انسحبت من العالم لتعيش حياة النسك.
فى عهد المماليك، خلال حكمهم بلاد الشام بين 1250 و1517، هدموا الكثير من الكنائس والأديار، ولكنّ دير صيدنايا نجا من هذا الدمار، إذ يرد ذكره لدى كاتبين عربيّين عاشا في تلك الحقبة هما شهاب الدين العمري (القرن الرابع عشر)، وياقوت الحمويّ (القرن الخامس عشر).
عام 1636، رمّم دير سيدة صيدنايا من دون طلب الإذن من السلطات التركيّة، فسُجن رئيسه الأب موسى وعذّب وأُرغم على دفع غرامة كبيرة.
في عام 1708، بلغ عدد الراهبات في الدير أربعين راهبة مع رئيس وخمسة عشر راهبًا. وعام 1762، بعد ثلاث سنوات على حدوث زلزال عنيف، أعيد بناء الدير بإذن خاصّ من المفتي العثمانيّ في دمشق الشيخ علي المرادي.
ومع بداية القرن التاسع عشر، احترق جزء كبير من المخطوطات السريانيّة التي كانت محفوظة في الدير، وخلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كنّ الراهبات يعملن في زراعة التوت وصناعة الحرير.
واليوم، وبالرغم من الأحداث الأخيرة التي أدت إلى هدم قسم كبير من الدير وسرقت بعض من محتوايات الكنيسة ، فإن راهبات سيدة صيدنايا يعاودن العمل والصلاة في هذا المكان المقدس.
من أهم أقسام الدير:
-مقام الشاغورة: هو أقدم وأهم أقسام الدير قدسية، حيث يتوجب الدخول إليه حافي القدمين. يتألف من غرفة صغيرة، سقفها منخفض ومقبّب وجدرانها تغصّ بالإيقونات التي غلب على معظمها السواد الناتج من دخان الشمع. المصابيح الملبّسة بالذهب والفضّة تتدلّى من السقف، وخلف شبكة حديديّة توجد إيقونة العذراء العجائبيّة.
-الكنيسة الحاليّة بناؤها معاصر، وقد رمّمت في عهد البطريرك إيروثيوس، بعد أن دُمّرت خلال مجازر عام 1860. إذ لم يبق شيء من الكنيسة القديمة التي عرفها الحجّاج الصليبيّون وتحدّثوا عنها. فأولى الكتابات التي تصفها، تفيد بأنّ الكنيسة هي كاتدرائيّة تتألّف من ثلاثة أجنحة مع قناطر تضمّ ستّة أقواس في كلّ جهة وسقف مقبّب وأرضيّة من الفسيفساء، وأنّ الإيقونسطاس كان يحمل إيقونات عدة.
-المباني الأخرى: قسم علوي خاص بالراهبات
-المتحف والمكتبة يقع إلى جوار مقام الشاغورة
-ميتم للفتيات.
يعتبر دير سيدة صيدنايا من أهم الأديرة المريمية على الإطلاق في كل سورية حيث يحج إليه سنويا مئات الآلاف من المؤمنين.
Share via: