في عمق الهدوء المقدّس لجبل آثوس، وتحديدًا في أواخر القرن العاشر، تجلّت إحدى أروع لحظات النعمة والظهورات السماوية، لتُخلَّد في ذاكرة الكنيسة الأرثوذكسية كذكرى مباركة لأيقونة والدة الإله “أكسيون إستين”.
كان أحد الشيوخ وتلميذه يعيشان بتواضع في إحدى القلالي الجبلية. وفي ليلة سبت مباركة، غادر الشيخ إلى كارييس ليشارك في سهرانية كنسية، تاركًا تلميذه ليُتمّ الصلوات بمفرده.
وإذ بالتلميذ، أثناء خدمته الليلية، يستقبل راهبًا غريبًا لم يسبق له أن رآه من قبل. قدّم نفسه باسم “جبرائيل”، وشارك التلميذ الصلاة بروحانية عميقة.
وعند الأودية التاسعة، حيث كان التلميذ ينشد المديحة المعروفة:
“يا من هي أكرم من الشاروبيم…”
ردّد الزائر الغريب النشيد، لكنّه أضاف ما لم يُسمع من قبل:
“بواجب الاستئهال، حقًا نغبط والدة الإله، الدائمة الطوبى، البريئة من كل عيب، أم إلهنا…”
وما إن نُشِدَت هذه الكلمات حتى شعّت الأيقونة أمامهما بنور إلهي غير مخلوق، فامتلأ المكان رهبةً ونورًا.
طلب التلميذ من الزائر أن يكتب هذا النشيد الجديد، فأخذ الراهب لوحة حجرية من سقف القلاية، وكتب عليه بإصبعه – لا بقلم – وكأن الحجر قد ليَنَ بين يديه كالشمع.
عندها فقط أدرك التلميذ أن من يقف أمامه ليس إلا رئيس الملائكة جبرائيل، الذي ما لبث أن اختفى.
أما الأيقونة المقدسة، والتي تجلّى من خلالها هذا الحدث المعجز، فباتت تعرف باسم “أكسيون إستين”، وهي اليوم محفوظة في هيكل كنيسة رقاد السيدة في كارييس، شاهدة على النعمة الإلهية التي حلت في تلك الليلة المباركة.