الخوري نسيم قسطون
في أوّل أيّام السنة الميلاديّة، تحتفل الكنيسة بتذكار ختانة الربّ يسوع المسيح (لوقا 2: 21) إضافةً إلى كونه رأس السنة الميلاديّة وعيد القِدِّيسَين العَظيمَين باسيليوس وغريغوريوس، ويوم السّلام العالمي، وفيه تُصَلِّي الكَنيسَة جَمعاء من أجل السَّلام في العالم.
لا بدّ لكلّ واحدٍ منا اليوم أن يأخذ العبر من هذه المناسبات المجتمعة معًا…
في العهد القديم، إعتُبِرَ الختان علامة العهد ما بين الله وشعبه “المختار”….
من يقرأ الأناجيل، سيجد حكماً بأنّ الربّ يسوع لم يتعامل مع الشّرائع بروح التمرّد، بل بروح تجديد الرّوح وإعادة التذكير بأنّ هدف الشرائع هو الوصول إلى الله ومحبّة الإنسان وبأنّ كل ما يعيق أو يعرقل هذا الهدف يناقض جوهر الشرائع ولو كان وارداً ضمنها!
كذلك، مع التجسّد، تبيّن بأنّ الله لم يحصر الخلاص بشعبٍ بعينه بل أراد أن ينتشل كلّ بني آدم من الموت الرّوحيّ الّذي تغلغل في البشريّة مع تسرّب سمّ الخطيئة إلى شرايين الرّوح الإنسانيّة!
لقد خضع الربّ لطقس الختان، إحتراماً لمقتضى الشّريعة آنذاك، ولكنّه حرّرنا بتعاليمه وبموته وقيامته من كلّ خضوعٍ لشريعة ختان جسديّ و أرسى، بالمقابل، شريعة ختانٍ روحيّ أي ختان القلب عن كلّ “ما” أو “مَن” يبعدنا عن الربّ، أي عن مصدر الحياة وخالقها أو عن الإنسان فمن أراد أن يحبّ الله عليه أن يجسّد هذا الحبّ ويترجمه في محبّته للإنسان الّذي أعاده الله إلى مكانته الأولى بالتجسّد وبالفداء!
في مطلع السنة الجديدة، ستواجهنا ظواهر كثيرة مناقضة لروح إيماننا كالتنجيم أو كالسكر أو حتّى العربدة ربّما ولكن، من إيمانه صلبٌ سيعلم بأنّ لا سلاماً خارجاً عن قلب الله ورضاه.
لذا، لا بدّ لكلّ واحدٍ منّا أن يقف أمام ذاته اليوم وفي كلّ يوم ليميّز، على ضوء كلام الربّ، ما الّذي يحتاج أن يختنه في حياته ليكون أكثر انسجاماً مع كونه مسيحيّاً فيقرن مسيحيّته الانتمائيّة بمسيحيّته العمليّة كي ينطلق في درب الربّ من جديد!
إخوتي، لنعد إلى رشدنا المسيحي ولنضع بين يدي الله حياتنا ومصيرنا بثقة الإبن بأبيه وبحبّ الولد لأمّه وهو الكفيل بأن يقودنا نحو الأمان والسلام الحقيقيّ.
هكذا يمكننا أن نتحضّر لسنة “خير”!
وكلّ عام وأنتم بخير!
Share via:
