رحمةً بالصحافة

You are currently viewing رحمةً بالصحافة
مريم البسام-
بيننا وبين الصحافة: كلمةٌ وجرأةُ النطقِ بها، حروفٌ مرسومةٌ بحرفيّةٍ، والماهرُ هو مَن يُهَندِسُ عمارتَها ويُقيمُ بناءً عاليَ السور، بعباراتٍ ومصطلحاتٍ تنسابُ كجداولِ ماء.
وعن جرأةِ أعلامٍ نتكلّم، عن جسارةِ صحافيين وناشطين وأصحابِ رأيٍ ومعتقدٍ دفعوا أثمانًا في الطريق إلى الحريّات؛
عن كُتّابٍ وأقلامٍ ومحاورين كانوا يُشجّعونك على انتظارِ الصباح لتقرأ روائعَهم وتَبنيَ عليها بقايا نهار ..
تبدّلَ هذا الزمانُ بذلٍّ واضمحلالٍ، وصِرنا أمام حروبِ المنصّات وتباديعِ مذيعاتٍ ومذيعين وصحافيين من صناعةِ اللحظة، من نتاجٍ مُهترِئ، وكلّه صار مُدوَّنًا من أصولٍ صحافيةٍ مُدوِّية.
فلانٌ يستضيفُ الفُلانةَ في بودكاست، تردُّ له الفُلانةُ الاستقبالَ فتَرُدّه ضيفاً بمنشأةٍ جاهزة للتفجير ، وتبدأُ عملياتُ “الاختباراتِ” المُرشَّحة لأن “تروح فايرَل”.
لا تعميمَ في هذا الرأي، فهناك في الميدان مَن هم على صلابةِ الحوار وأمانةِ المهنة، لكنّ الطفرةَ تنتشرُ في غابةٍ إعلاميّةٍ رخيصة، ليُصبح أمامك فجأةً: إعلاميّ، إعلاميّة، صحافيّ، صحافيّة، مؤثّر، مؤثّرة… بقلمِ فلانةِ الفلانية، وهي الطالعةُ من يأسِ المهنِ الأخرى وليس في سجلّها أيُّ محاولةٍ لارتكابِ جريمةِ الكتابة أو الحوار.
يَحتارون ماذا يمتهنون، فيعثرون على منصّة، لتبدأَ عملياتُ الافتعالِ بالضيوف وسَنِّ السيوف.
استسهالٌ وابتذالٌ وترويجُ عملةٍ زائفة، مِن كلّ المحاور وبفَرعيها.
يتفرّقون في الموقف ويجتمعون على الانهيار الإعلامي، ويتوحّدون في نشرِ السفاهةِ في زمنِ التفاهة، مُضافًا إليها عملياتُ التنمّر والتحدّي بالبذاءاتِ والترّهات.
هو استرزاق على حساب مهنة ٍ لا ترحم السفاء ..
أرحمونا

اترك تعليقاً