يُعدّ حي زقاق البلاط من الأحياء العريقة في بيروت، ويعود أصل تسميته إلى القرن التاسع عشر، حين قامت السلطات العثمانية برصف شوارعه بأحجار البلاط (الرصف)، في خطوة عمرانية مميّزة جعلت منه منطقة مختلفة عن سائر أحياء العاصمة في تلك الفترة. وقد أدّى هذا الرصف المنظّم إلى إطلاق اسم “زقاق البلاط” عليه، دلالةً على الطابع المادي الظاهر في ممرّاته.
تقع المنطقة خارج سور بيروت القديم، وقد بدأت بالتوسّع والازدهار تدريجيًا، بالتوازي مع تحوّل المدينة إلى مركز إداري واقتصادي مهمّ في العهد العثماني. ومع تطوّرها، برز فيها الطابع الأرستقراطي، فانتشرت القصور والمباني الفخمة، لا سيّما تلك التي تميّزت بأسقفها القرميدية، ما أكسب الحي طابعًا عمرانيًا واجتماعيًا راقيًا.
وهكذا، أصبح زقاق البلاط مثالًا على التمدّن البيروتي الحديث في القرن التاسع عشر، وواحدًا من الأحياء التي تحمل في طيّاتها ذاكرة عمرانية وثقافية ارتبطت بمرحلة مفصلية من تاريخ بيروت تحت الحكم العثماني.