الخوري نسيم قسطون:
كلّنا – قولاً – ندّعي الإيمان ولكنّنا – قلباً – نرجو دائماً أن نرى كي نؤمن!
يصعب على الإنسان، العقلاني بطبعه، أن يقارب الحياة بمنطقٍ إيمانيّ محض!
فكلّ ما حولنا يدفعنا إلى استخدام المنطق بثقة شبه عمياء مع أنّ كثيراً من المسائل لا تُفَسَّرُ بالعقل وإنّما بالحبّ وبالمحبّة كتضحية الأمّ وشقاء الأبّ ومجانيّة المتطوّع للخدمات الإنسانيّة…
نتأمّل اليوم فيما حصل مع مار توما (يوحنا 20: 26-31) الّذي نرى فيها انعكاساً لشكّنا ولإيماننا في آن معاً فمار توما، واقعياً، هو نموذجٌ عن كلّ واحدٍ منا…
في علاقتنا بالله، تغمرنا الشكوك وتكدّرنا وتعيق مسيرتنا الإيمانيّة، خاصّةً حين نكتفي بها دون البحث عن إجاباتها في المكان المناسب…
ولذا نجد أنّ كثيرين منّا ابتعدوا عن الله لأنّهم حوّلوا شكّهم قاعدة حياة واكتفوا به دون تكليف ذواتهم عناء البحث عن الحقيقة حيث يجب، أي على ضوء تعليم الكتاب المقدّس وتقليد الكنيسة “الأمّ والمعلّمة”!
توما نموذجٌ في الشكّ ولكنّه أيضاً نموذجٌ لمن يبتغي إيجاد الإجابات المناسبة في المكان المناسب فهو لم يبتعد عن الجماعة المؤمنة (الكنيسة النّاشئة) وهناك وجد الإجابة إذ التقى بالربّ يسوع فجدّد إيمانه به!
ما جرى مع توما في إنجيل اليوم يشكّل دعوةً لكلّ واحدٍ منّا كي يعيد للإيمان قوّته ودفعه في حياته فيفهم بالحبّ ويحبّ بكلّ جوارحه “من أجل الربّ”!
لا شرط للقاء الله سوى ما قاله الربّ يسوع اليوم: “ولا تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ كُنْ مُؤْمِنًا!”.
فالإيمان وحده هو العين التي تسمح للإنسان “برؤية” الله وأعماله وتسمح له أيضاً “برؤية” مصيره بوضوح وبيقين. ونعود إلى القدّيس أوغسطينوس الّذي يقول: “والإيمان يسبق المعرفة” وترجمة هذا القول بالنسبة لنا هو أنّ الإيمان يقود إلى المعرفة ولذا أكّد الربّ يسوع:” طُوبَى لِمَنْ لَمْ يَرَوا وآمَنُوا!”. فمن آمن رأى وعرف وعلم…
لقاء توما بالربّ جدّد في قلبه الرّجاء وحطّم أغلال الشكّ باليقين…
هذا ما يدعونا إليه كل لقاءٍ مع الربّ سواء بالإفخارستيا أو بالكلمة إذ نحطّم قيود الهموم والحاضر أو الماضي بعذوبة الربّ وبمحبّته لنا الّتي تتجّدد في كلّ يومٍ وفقاً لمقولةٍ شهيرة تقول: “كلّ يومٍ هو فرصةٌ لنا لنولد من جديد!”.
ينتظرنا الربّ داخل الكنيسة فهلمّ إليه لنجدّد إيماننا ورجاءنا ومحبّتنا!
Share via:
