شهر آذار: شهر القديس يوسف البتول في الكنيسة

في أيّام كانت عسيرة “صعبة” على الكنيسة، أراد البابا بيوس التاسع أن يَكلِها إلى القدّيس يوسف ليشملها بحماية خاصّة، فأعلنه “شفيعًا للكنيسة الكاثوليكيّة !
وكان البابا يعلم أنّ بادرته لم تكن في غير محلّها، وذلك لأنّ الكنيسة، نظرًا إلى ما منَّ به الله على هذا الخادم الأمين من كرامة سامية جدًّا، “قد خصَّت دائمًا الطوباويّ يوسف، بعد خطيبته القدّيسة، بإكرامٍ عظيمٍ، فغَمرته بمَدائِحها، وآثرت اللّجوء إليه في المُلمَّات (الصعوبات)”
ما هي دواعي هذه الثقة؟ لقد عدّدها لاون الثالث عشر، على الوجه التالي:
“الأسباب والحوافز الخاصّة التي دَعَت إلى تسمية القدّيس يوسف شفيعًا للكنيسة والتي حملت الكنيسة، في المقابل، على وضع جلّ ثقتها في حمايته وشفاعته، هي أنّ يوسف كان زوج مريم واشتهر بصفته أبًا ليسوع المسيح […] كان يوسف هو الحارس والمدبّر والحامي الشرعي والطبيعيّ للبيت الإلهيّ الذي تولّى رئاسته […] فمن الطبيعيّ إذن، ومن الخليق جدًّا بالطوباوي يوسف أن يشمل اليوم برعايته السماويّة، كنيسة يسوع المسيح، ويذود عنها كما كان يلبِّي قديمًا جميع حاجات أسرة الناصرة ويحوّطها بحمايته المقدّسة”
هذه الرّعاية يجب أن نلتمسها؛ فالكنيسة بحاجة إليها دائمًا، ليس فقط لحمايتها من الأخطار المتجدّدة بلا هوادة، ولكن أيضًا وخصوصًا لدعمها في جهودها المُضاعفة لتبشير العالم،
وإعادة تبشير البلاد والأمم “حيث الدين والحياة المسيحيّة ، كما كتبتُ ذلك في الإرشاد الرسوليّ العلمانيّون المؤمنون بالمسيح ، كانا في الماضي في غاية الإزدهار وهما اليوم مُعرّضان لمِحنةٍ قاسية” !!
فلِكي نَحمِل للعالم البشري الأولى بالمسيح، أو لكي نُذيعها ثانيةً حيث اعتراها الإهمال والنسيان، تحتاج الكنيسة إلى “قوّة خاصّة من العلاء” (فوقاء 24: 49؛ رسل 1: 8)، وهي، ولا شكّ، عطيّة من روح الربّ، ولكنّها لا تخلو من علاقة بشفاعة القدّيسين وقُدوتهم.
وعلاوة على ما تجده الكنيسة في يوسف من حماية فعّالة، فهي تثق بقدرته المُثلى التي لا ترتبط بوضع حياتي معيّن، بل هي مُتاحة للأسرة المسيحيّة كلّها، أيًّا كانت فيها أوضاع كلّ مؤمن وأيًّا كانت مهامه.
… فالكنيسة تَلتَمِس حمايته، بِداعي ما لديها اليوم من رغبةٍ عميقةٍ في إنعاش وجودها المديد، عبر فضائِل إنجيليّة راهنة، كتلك التي سَطَعت في القدّيس يوسف”
هذه المُقتضيات تحوّلها الكنيسة إلى صلاة. فهي تذكّر أنّ الله، في فجر الأزمنة الجديدة، قد وَكل إلى القدّيس يوسف حراسة الأسرار الخلاصيّة، وتطلًب إليه أن يَنعم عليها بالمشاركة الأمينة في عمل الخلاص، ويهبها قلبًا خالصًا، على مثال القدّيس يوسف الذي وقف ذاته كلّها لخدمة الكلمة المتجسّد، ويجعلنا نحيا في البرّ والقداسة، مسنودين بمثال القدّيس يوسف وصلاته.
منذ مئة سنة خلت، دعا البابا لاون الثالث عشر العالم الكاثوليكي إلى الصلاة، التماسًا لحماية القدّيس يوسف، شفيع الكنيسة جمعاء. وقد أشارت الرسالة العامّة في كرامة القدّيس يوسف ومَهمّته في التدبير الخلاصي إلى “الحبّ الأبوي”، الذي “أحاط به القدّيس يوسف الولد يسوع” وأوصت “هذا الحارس الحكيم للأسرة الإلهيّة” بالميراث الذي ورثه يسوع من سلالته”.
ومنذ ذلك الوقت، والكنيسة، كما ذكّرت بذلك في مطلع الرسالة تلتمس حماية يوسف “باسم الحبّ الذي ربطه بالعذراء النقيّة أم الله”، وتفضي إليه بجميع هُمومها، بالنظر خصوصًا إلى الأخطار الضاغطة على الأسرة البشريّة.
واليوم أيضًا، نملِك دواعي كثيرة لأن نَرفع الدّعاء بالطريقة نفسها:
“احفظنا أيّها الأب الكثير المحبّة، من كلّ دنس زلَّة أو فساد؛ كن لنا ناصرًا، واعضدنا من علوّ السماء في الحرب التي نخوضها ضدّ سلطان الظلمات…؛ وكما أنقذت قديمًا الطفل يسوع من خطر الموت، صُنْ اليوم كنيسة الله المقدّسة من مكايد العدوّ ومن كلّ بلوى”
واليوم أيضًا، لا نزال نملك دواعي لنعهد بكلّ إنسان إلى القدّيس يوسف. ولينل القدّيس يوسف للكنيسة وللعالم ولكلّ منّا بركة الآب والابن والروح القدس!
{مقتطفات من “حارس الفادي”؛ الإرشاد الرسولي للحبر الأعظم يوحنّا بولس الثاني 1989، في شخصيّة القدّيس يوسف ورسالته في حياة المسيح والكنيسة }
نصلّي الى الرّب يسوع المسيح من أجل العالم والكنيسة قائلين كلّ حين:
يا ربّنا يسوع المسيح ليأتِ ملكوتكَ على الأرض كلّها كما في السماء، ولتنتصر كنيستك من خلال حماية وشفاعة القديس يوسف البتول وانتصار قلب مريم المتألم الطاهر الأخير على الشيطان ومملكته، فيأتِ الروح القدس بقوّة الآب ليجدّدنا ويجدّد وجه الأرض، آمين
من صفحة قلب مريم المتألم الطاهر

اترك تعليقاً