عن أي تطبيع تتحدثون ونحن في وضع غير طبيعي

You are currently viewing عن أي تطبيع تتحدثون ونحن في وضع غير طبيعي
نسمع في الآونة الأخير مصطلحا يتردد بشكل واسع عبر وسائل الاعلام وهو مصطلح (التطبيع) وكذلك مصطلح (الاتفاقيات الابراهيمية) والمقصود في ذلك هو عقد علاقات دبلوماسية عادية مع إسرائيل.
كيف يمكن ان يكون هنالك تطبيعا ونحن في حالة غير طبيعية حيث ان إسرائيل تواصل حربها على قطاع غزة وممارساتها الظالمة في الضفة الغربية وتعمل من اجل شرق أوسط جديد ينسجم وسياساتها وممارساتها وظلمها بحق أبناء شعبنا.
هذا ليس تطبيعا على الاطلاق وليس سلاما بأي شكل من الاشكال بل هي حالة غير طبيعية وغير مقبولة وكذلك هي استسلام لممارسات ظالمة وقمع وظلم يستهدف شعبنا.
لست من أولئك المعادين للسلام فأنا أؤيد السلام الحقيقي وارفض الحروب والقمع والظلم الممارس بحق أي انسان، ولكن السلام لا يمكن ان يبنى على امتهان حرية وكرامة الانسان فعن أي تطبيع يتحدثون والاحتلال ممعن في قمعه وظلمه لابناء شعبنا وعن أي سلام يتحدثون في ظل حرب إبادة تداعياتها سوف تكون مأساوية وكارثية واليوم نحن ننادي بوقف هذه الحرب ولكن نتائج هذه الحرب المأساوية والكارثية سوف تدفع اثمانها الأجيال القادمة .
لا تكذبوا علينا من خلال تطبيع هو في الواقع ليس كذلك بل هو استسلام وضعف وترهل وقد يكون أيضا مصالح اقتصادية او سياسية على حساب الشعوب المظلومة والمقموعة.
لا تكذبوا علينا بشعارات السلام ونحن ما نراه ونعيشه على الأرض لا يوحي بأن هنالك سلام فالدماء المسفوكة في غزة وما يحدث في الضفة واستهداف القدس وتاريخها وهويتها لا يوحي اننا في وضع طبيعي ولا يوحي اننا في حالة سلام بل نحن في حالة غير طبيعية وفي حالة بعيدة كل البعد عن السلام الحقيقي .
عليكم تسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية ولا تصفوا اتفاقات بأنها تطبيع لانه على الأرض لا يوجد هنالك شيء يوحي بأننا في وضع طبيعي في ظل ما يمارس بحق شعبنا المقموع والمظلوم ولا تضحكوا علينا وتقولوا انكم صانعون للسلام لان ما نراه على الأرض هو مزيد من القهر والظلم والاستبداد.
أما الوقاحة التي لا يمكن ان توصف بالكلمات فهي ان يقوم متهم بأنه مجرم حرب بترشيح من يتاجر بالأسلحة والقذائف والصواريخ التي تقتل الشعوب بهدف منحه جائزة نوبل للسلام.
انها ظاهرة مضحكة ومبكية في آن ان تصل الإنسانية الى هذه المرحلة من التراجع والوهن وعدم احترام حرية الانسان وكرامته.
أعطوا جائزة نوبل لمن تشاؤون فهذا لا يهمنا فما يهمنا هو ان يزول الاحتلال وان تنتهي الحرب وان يعيش الفلسطينيون بسلام حقيقي وليس سلاما وهميا وهو في الواقع حبر على ورق.
نريد سلاما يضمن الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية ويجعل الفلسطينيون يعيشون بحرية وسلام في وطنهم وفي ارضهم المقدسة.
نعم لا نريد الحروب ولم نؤيدها في أي وقت من الأوقات ونحن مع السلام هكذا كنا وهكذا سنبقى ولكن السلام الذي نتحدث عنه ليس سلام الشعارات وليس سلام الاستسلام والقبول بالامر الواقع بل هو سلام يصون الحرية والكرامة الإنسانية ، وبغير ذلك لا يمكن ان يوصف هذا بالسلام.
عالمنا اليوم يعيش في ازمة وغزة وما يحدث فيها أظهرت الكثير من مواضع الخلل في هذا العالم حيث الوحشية وتجاهل حقوق الانسان وغض الطرف عما يرتكب بحق شعبنا من جرائم .
الداعم والمؤازر والصامت والمتفرج على الجرائم المرتكبة بحق شعبنا لا يمكن ان يكون داعية سلام بل هو شريك في الجرائم المرتكبة بحق هذا الشعب.
متى سيتغير وجه هذه الإنسانية ومتى سيكون حكام هذا العالم اكثر حكمة وتعقلا وجنوحا نحو صنع السلام الحقيقي المبني على العدالة .
من يتحكمون بمصائر الشعوب اليوم هم أصحاب مصانع الأسلحة وليس لصالحهم ان تتوقف الحروب ومع كل حرب تتوقف يجب ان تبتدأ حرب أخرى لكي يروجوا لاسلحتهم وصواريخهم المميتة ولكي يجنوا ارباحهم حتى وان كان هذا على حساب الشعوب المظلومة والمنكوبة والمتألمة .
كان الله في عون أهلنا في غزة وهم يعيشون هذه المحنة ومحنتهم هي ليست فقط من خلال حرب الإبادة هذه ولكن المحنة الأكبر هي بسبب وجود المتفرجين والصامتين والمتخاذلين والذين يقولون شيئا ويفعلون شيئا اخر.
المطران عطا الله حنا
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس

اترك تعليقاً