عيد إنتقال العذراء مريم

You are currently viewing عيد إنتقال العذراء مريم

الخوري نسيم قسطون:

في عيد انتقال أمّنا مريم، لا نكتفي بتكرار المدائح، بل نتّخذ من نشيد تعظيمها (لوقا 1: 46-55) مرآةً نرى فيها أنفسنا. فكما رفعت نفسها لله في ابتهاجٍ وتواضع، نسأل: هل تُعظّم حياتنا الربّ حقّاً، أم تعلو أصوات أنانيتنا على صوت الشكر؟ وهل نختبر خلاصه فرحاً يفيض من قلوبنا، أم نراه قيداً على رغباتنا؟

التواضع الذي جعل الله ينظر إليها، أين هو فينا؟ هل ندرك هشاشة مجدنا الزائل أمام أمواج الزمن، أم نتمسّك بتوهم العظمة في مناصبنا وثرواتنا؟ الرحمة التي تغنّت بها مريم، هل تصبح سلوكنا مع الجائع والمهمّش، أم نستهين بها لنغرق في الأنانية؟

نواجه أيضاً ازدواجيتنا: هل نرى الآخرين – بكل ضعفهم – كأبناءٍ لله يستحقون الكرامة، أم نصنّفهم بحسب منافعهم؟ وهل نعيش الصدق في علاقاتنا، أم نتلوّن كالسراب أمام أصحاب النفوذ؟ الأكثر جوهرياً: هل نشارك الله في رعاية خلقه، أم نخبّئ النعم وراء جدران الذات؟

هذه الأسئلة ليست إدانة، بل بوصلةٌ لروحنا. فمريم، في بساطتها، ارتقت لأنّها حملت المسيح في كلّ كيانها. ونحن أيضاً، كلّما اغتذينا من كلمته وجسده في الإفخارستيا، اشتدّ وثاقنا به. عندها نصير كمن ينظر من علوٍ: تتهاوى الماديات، وتعلو قيم الملكوت. جسدنا – الذي يمتزج بجسد المخلّص – يصير هيكلاً نقدّسه، وروحنا – صورة الله – ننقّيها من شوائب العالم.

الانتقال ليس حدثاً لمريم وحدها، بل مسارٌ لكلّ مؤمن. فليكن عيدها دافعاً لفحصٍ جادّ: هل نعيش كمن يستعدّ للقاء الربّ، أم كمن يلهو على شاطئ الأبدية؟ الجواب يحدّد إن كنّا نبني سماءً في أعماقنا، أم نؤجّل الخلاص إلى الغد.

اترك تعليقاً