عيد التجلّي

 الخوري نسيم قسطون –

عيد التجلّي أو كما ندعوه أحياناً عيد الربّ يكتسب أهميّته بكونه مهّد
السبيل أمام الرّسل، بشخص بطرس ويعقوب ويوحنا، ليتحضّروا لأحداث
الآلام الآتية بمنطق العارف والمستدرك لما سيجري…
في إنجيل اليوم (مر 9: 1-7)، صعد بطرس ويعقوب ويوحنا مع الربّ
إلى الجبل فعاينوا القليل من عظمة ألوهة ذلك المعلّم المتواضع، الإنسان
والإله في آنٍ معاً!
شعر الثلاثة بالخوف لحين ولكن أتى صوت الآب فطمأنهم وأعاد السّلام
إلى قلوبهم!
لقد تذوّق الثلاثة القليل من نور الملكوت الّذي حدّثهم عنه الربّ وتجلّت
أمامهم ألوهيّته التي لم يكونوا بعد قد توصّلوا إلى إدراكها كما يجب رغم
كلّ ما شاهدوه وعايشوه من آياتٍ وشفاءاتٍ ومعجزاتٍ ومع هذا عادوا
لاحقاً إلى الخوف والشك ما إن اعتقل الربّ ولاحقاً لدى تكبّده الآلام
والموت…
لذلك وسط ضجيج هذا العالم الّذي يبعدنا أحياناً "عن" الربّ يسوع، من
الضروري لحياتنا الرّوحيّة أن نبتعد قليلاً ;مع يسوع لنجدّد إيماننا
ولنكتشف أكثر مدى محبّة الله لنا وقدرته الخلاصيّة لحياتنا.
نحن مثل الثلاثة أحياناً، نضعف وننسى أحياناً عظمة الله عند أوّل ضيقٍ أو
خوفٍ أو اضطهادٍ أو ألم…
التجلّي هو روحيّاً مشهدٌ من مشاهد الحياة الأبديّة أراده الربّ أن يحدث
ليشجّعنا وليحفّزّنا على المسير في طريق الحياة مركّزين على الورود لا
على الأشواك، على ضوء الشمس لا على الحرّ، على عطيّة المياه لا على
العواصف، على صفاء البحر لا على هيجانه لأنّ كلّ ذلك ما هو إلّا جزءٌ
من آلامٍ مخاضٍ سينتهي حكماً بالولادة في الحياة الباقية، آمين!

عيد التجلّي يدعونا لتجاوز غيوم الحياة وللتركيز على نور الله الّذي وحده
يمكن أن يزيل كلّ ظلمةٍ من حياتنا كما يدعونا إلى عدم الغرق في أحلام
اليقظة وقصور الأحلام فالألم والصعاب جزءٌ لا يتجزّأ من هذه الحياة ولكن
الفرق يكمن في مدى عمق رجاء المؤمن الحقيقيّ الّذي يتمكّن، على الدوام،
من الإيمان بالمجد القادم عبر برقع الصعوبات والمآسي والضطهادات! فما
قد وعدنا به الله ;الصادق والأمين لم تره عينٌ ولم تسمع به أذنٌ ولم
يخطر على قلب بشر
بالطبع، لن يغادر الله الآب حياتنا، ولكنّه يأمرنا بالإصغاء إلى كلمة
ابنه: "هذَا هُوَ ٱبْنِي الحَبِيب، فلَهُ ٱسْمَعُوا، لأنّ يسوع هو الكلمة التي
أعطت الحياة وبالتالي من ;يصغي; إلى يسوع و يعمل وفق كلامه،
سينال الحياة والسّلام…
ولكن، كيف لنا أن نصغي إلى كلمته فيما نادراً ما نقرأ كلامه في الكتاب
المقدّس و غالباً; ما نطنّش عن كلمته إلينا من خلال تعاليم الكنيسة؟!
إنجيل اليوم يدعونا إلى إعادة الاعتبار إلى يسوع الكلمة وإلى كلمة
يسوع خاصّةً أنّ صوت الله يتردّد في كنائسنا كلّ يوم وهو بين أيدينا في
الكتاب المقّدس حيث الصوت كلمة حياة لمن يقرؤها ويتأمّلها كي يحياها
بعمق في يوميّاته!
كل عيد وأنتم بخير!

اترك تعليقاً