الخوري نسيم قسطون-
ملفتٌ مطلع هذا إنجيل اليوم (يوحنا 12: 20-32):”وكَانَ بَينَ الصَّاعِدِينَ لِيَسْجُدُوا في العِيد، بَعْضُ اليُونَانِيِّين”.
عادةً، في الحياة اليوميّة، ينصح البعض بالتقرّب، ولو من باب المصلحة، من المقتدرين، للحصول على المكاسب أو الامتيازات…
مع الربّ، يحصل العكس أحياناً مع إنّه يفترض أن نعلم أنّ مصلحتنا الحقيقيّة والباقية تقتضي التقرّب إليه، ومع ذلك نهمل تعاليمه أو نبتعد عنه بقصدٍ أو بغير قصد!
لذا، لا بدّ أوّلاً أن نسأل ذواتنا: هل نسجد في العيد لصاحب العيد وعيدنا الأكبر، ربّنا ال “ألله” الّذي هو محبّة وهل نسعى للتقرّب منه بكل قوانا؟
في عيد الصليب، نصغي إلى الربّ يسوع وهو يقول لنا: “لَقَدْ حَانَتِ السَّاعَةُ لِكَي يُمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَان. أَلـحَقَّ الـحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّ حَبَّةَ الـحِنْطَة، إِنْ لَمْ تَقَعْ في الأَرضِ وتَمُتْ، تَبْقَى وَاحِدَة. وإِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِير”.
كان الربّ يسوع يتحدّث هنا عن الصليب الّذي كان سائرًا صوبه وكان يحضّر تلاميذه لقبوله كآية لمجد محبّة الله وليس كأداة للهوان.
هذا ما جعله يركّز على الحياة المنبثقة من الموت… فموت حبّة الحنطة مؤقّت أمّا الحياة المنبثقة منها فتستمرّ في ثمارها التي بدورها تصبح على صورتها ومثالها منتجة للحياة.
هنا يطرح سؤال كبير: إذا كان المسيح هو حبّة القمح التي ماتت على الصليب وأنبتت الحياة في القيامة فهل نحن ثمارٌ صالحة ومثمرة؟
يمكن أن نكون من إحدى الفئات الثلاثة:
- ثمارٌ تنبت كمعلّمها ومُنبِتِها… هذه الفئة الأولى عليها المثابرة.
- ثمارٌ غير مكترثة، لا تريد أن تنبت طوعًا واختيارًا… وهذه الفئة الثانية ينقصها أن تتعرّف بعمق إلى مُنبِتِها…
- ثمارٌ خائفة ومضطربة لأنّها تخشى المغامرة!… هذه الفئة ينقصها أن تفهم ما قصده الربّ يسوع في إنجيل اليوم حين قال: “هِيَ الآنَ دَيْنُونَةُ هـذَا العَالَم. أَلآنَ يُطْرَدُ سُلْطَانُ هـذَا العَالَمِ خَارِجًا. وأَنَا إِذَا رُفِعْتُ عَنِ الأَرض، جَذَبْتُ إِليَّ الـجَمِيع”.
إنجيل اليوم يدعونا كي نزرع مواهبنا كحبوب قمح، نميت أنانيّتنا فيها لتثمر المحبّة فينا وفيمن هم حولنا فينمو الرّجاء ويكبر الإيمان وتزدهر المحبّة فالصليب ليس علامة نستفزّ بها أحداً بل هو رمزٌ لوحدة الله مع البشريّة (البعد العامودي) ولوحدة النّاس بالمحبّة (البعد الأفقي) …
Share via: