الخوري نسيم قسطون:
في عيد انتقال أمّنا مريم إلى السماء بالنفس والجسد، نتأمل في كلماتها يوم زارت نسيبتها أليصابات وننشد معها نشيدها الشهير (لوقا 1 : 46-55).
نتأمّل معًا في منطق الله المختلف عن منطق الناس فهو يسند المحتاج والمسكين والمهمّش، حتى لو كان المجتمع غير عابئ بهم.
إختار مريم أمًا له رغم أنها لم تكن من “الذوات” أو الأغنياء فالبساطة والتواضع هما من الصفات التي تميز من يبني علاقة مع الله، وهو ما حصل مع مريم التي رفعها الله إلى السماء باستحقاقات تجسد الابن الإلهي في أحشائها.
كلّ واحد منا مدعو لهذا الارتقاء بالمسيح بالجسد والروح، خاصة إن اغتذى بكلمة الله وجسده ودمه وكلّما اشتدّ الوثاق مع الله، كلّما اختبرنا السماء على الأرض وارتقينا عن ماديات الأرض وتعلّقنا بخيرات السماء فنتساءل عن مدى استعدادنا لنكون، على مثال مريم، من المنتقلين إلى جوار الرب بالنفس والمستعدين للقيامة بالجسد:
- فهل نحافظ على نقاوة جسدنا الذي يمتزج بجسد المسيح ودمه في الإفخارستيا؟
- وهل ننقي روحنا مما يسعى لإبعادها عن جوهرها كصورة الله؟
في هذا العيد، نصلّي مع أمّنا مريم ونشكر الله الذي تعظّم في التواضع فعلّمنا أن قيمة الإنسان تكمن في إنسانيته وليس في ملكيته أو في منصبه:
- نبتهج بتجسّده لأنه كما قال أمبروسيوس أسقف ميلانو “تأنّس الإله ليؤلّه الإنسان”.
- نباركه لأنه بالخلق والوحي والتجسد والموت والقيامة صنع “العظائم” التي لا يمكن أن يقارن معها أي عمل أو إنجاز.
- نترجّى رحمته لأنها أكبر من كل خطايانا وهفواتنا، وإن كنّا أحيانًا كثيرة من مستغلّيها.
تعلّمنا مريم أن نقدّر ما في داخل الإنسان من كنوزٍ روحيّة، حتى لو كان من أكبر الخطأة، ففي داخله روحٌ تتجدد إن سقيت بفيض المحبة فنسجد لله بحرية، إذ السجود له ولادة جديدة بينما هو مذلّة إن فرضها سواه ونحمده لأنه لا ينسانا ولا يهملنا، حتى لو تركتنا البشرية بأسرها.
في هذا العيد، لنتأمل معًا في هذه القيم ولنسع لتطبيقها في حياتنا اليومية، مستلهمين من مريم العذراء، التي جسّدت المحبة والتواضع والإيمان العميق بالله.
لنكن مستعدين للانتقال إلى الحياة الأبدية، متمسكين بإيماننا، ونعيش حياتنا بروح من المحبة والتواضع والرجاء، مقتدين بمريم في كل ما نقوم به.
كل عيد وأنتم بخير!
Share via: