عيد سيدة الزروع

حيث كانَ لهذا العيد معنى ديني وإيماني. فكان الناس، وهم من الفلاّحين، يستشفعون العذراء مريم لتبارك مواسمهم ومزروعاتهم قبل موسم الحصاد وجمع الغلال، حتى لا يصيب الموسم أيّ ضرر أو أذى جرّاء الطبيعة، لأنّ المحصول الزراعي هو مردودهم المعيشي الوحيد، ولذلك أعطوا العذراء شفيعتهم في هذا العيد إسم “سيّدة الزروع”، ومن مظاهر هذه الشفاعة، إنّهم كانوا يضعون صورة العذراء وسط حقل المزروعات، ويصلّون للعذراء كالمسبحة مثلاً، ويقولون زيّاحها (عند الموارنة : يا أم الله يا حنونة …) .
أكثر من ذلك، حين جمعِ الغمار لسنابل القمح بعد حصادها، كانوا يضعون الصورة على غمار القمح ويصلّون للعذراء، كشكرٍ ووفاء تجاه العذراء التي باركت مواسمهم في شهر أيّار، وأتت غلالهم صالحة وجيّدة في وقت الحصاد وجمع الغلال. وارتباط العذراء بالحقل والارض والتشابيه الزراعية عائدة الى الكتاب المقدّس خصوصًا العهد القديم.
إذًا هناك مرحلتَين لهذا العيد في عادات الفلاّحين في المجتمع الزراعي المسيحي (وهنا الماروني) : الاولى، للصلاة والطلب والتشفّع، والثانية للشكر على ما نالوا من شفاعة ونعم وبركات . وهذه العادة كانت حتى الأمس منذ بضعة سنين، دلالةً على تقوى الناس الفلاّحين وتعلّقهم البنوي للعذراء، وتشفّعهم لها في كلّ ظروف حياتهم الاجتماعية والزراعية …
ومن صلوات الطقس الماروني للعذراء مريم كي تبارك الزروع ، صلاة نثرية قديمة ، تلخّص هذا العيد ، وتحفظ آثاره الشعبية الدينية ، ليصبح في صلوات الكنيسة الطقسية . فقد وردت صلاة في فرض الاربعاء من الاسبوع العادي (الشحيمة) ، وحُفظت في كتاب القدّاس ليوم الاربعاء من الزمن العادي ، وهذه الصلاة موجّهة الى العذراء وتقول :
” يا بُستانًا أعطى العالم ثمرةَ الحياة ، قولي لابنِكِ يسوع ، أن يُبارك مواسمَنا ، وغلاّتنا وجهدَ ايدينا ، ويزرع في قلوبنا ونفوسنا كلمتَهُ بشفاعتكِ المقبولة ، وبواسطة العطور التي نقدّمها إليهِ في يومِ تذكاركِ . فنرفَع الحمدَ الى الثالوث المجيد : الابَ والابن والروح القدس ، الآنَ والى الأبد . آمين ” .
من صفحة الأب رالف طنجر

اترك تعليقاً