يصادف الليلة عيد القدّيسة بربارة الشهيدة، فنتوقّف عند سيرة هذه القدّيسة التي شكّلت رمزًا للشجاعة والإيمان الثابت. وُلدت بربارة في مدينة بعلبك، واستشهدت في الرابع من كانون الأول عام 303م. كان والدها رجلاً وثنيًا ثريًا شديد التمسّك بديانته، إلّا أنّ بربارة، وبعد نيلها سرّ المعمودية سرًّا، قرّرت تكريس حياتها للمسيح والعيش بتولاً تعبده بقلب نقي وإيمان راسخ.
وعندما اكتشف والدها أمر إيمانها، عذّبها بوحشية وجلدها حتى سالت دماؤها، وهي صامتة ترفع صلاتها بثقة وتسليم. وبعد ذلك، هربت بربارة إلى حقول القمح مُتنكّرة، محاولةً الإفلات من بطش أبيها، ومن هذه الحادثة استقى التقليد المسيحي رمزيّة الاحتفال بعيدها، الذي ما تزال الكنيسة تحييه عبر الأجيال.
وفي هذه الليلة، يبقى جوهر العيد دعوةً للعودة إلى المعنى الحقيقي للشهادة والإيمان، أكثر منه مظاهر احتفالية. كما نرفع صلواتنا من أجل جميع المسيحيين المضطهدين في هذا الشرق، الذين يواجهون الاضطهاد من أجل مسيحيتهم، طالبين من القدّيسة بربارة أن تتشفّع بهم أمام الرب يسوع ليمنحهم الثبات والخلاص.
ومن أبرز الرموز التي ارتبطت بهذا العيد سَلْق القمح، الذي يستمدّ معناه من قول السيّد المسيح:
“إن لم تقع حبّة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها، ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير” (يوحنا 12: 24).
فالقمح هنا رمز للقيامة، علامة للحياة الجديدة التي تولد من موت الذات عن العالم، لنحيا في المسيح ومعه وبه.
فلنحتفل بعيد القدّيسة بربارة بروحه ومعانيه العميقة، لا بالمظاهر وحدها.
وكلّ عيد وأنتم بألف خير.
