قبل أن تزور… اتصل

You are currently viewing قبل أن تزور… اتصل

لم تعد الحياة كما كانت في السابق. تغيّر كل شيء: الإيقاع، الواجبات، وحتى مفاهيم الراحة. لم تعد المرأة فقط ربّة بيت تهتم بشؤون المنزل، بل أصبحت في أغلب الأحيان عاملة أيضًا، تنهض باكرًا، تسابق الوقت، تؤدي أدوارًا متعددة داخل البيت وخارجه، وتعود إلى منزلها منهكة لا لتستريح، بل لتبدأ فصلًا جديدًا من المهام غير المنتهية.

وسط هذا الإيقاع المتسارع، تُصبح عطلة نهاية الأسبوع بمثابة نافذة صغيرة تُطل منها المرأة العاملة على شيء من الراحة، ولو كان مجرّد كوب قهوة بصمت أو لحظة استغراق مع أطفالها دون مقاطعة. إنها تحاول جاهدة أن توازن بين دروس أولادها، وترتيب منزلها، ومراعاة زوجها، ومتطلبات نفسها المتعبة.

وفي قلب هذا التوازن الهشّ، قد يأتي ما ينسف كل التنظيم والهدوء: زيارة مفاجئة! أحدهم يطرق الباب دون اتصال، دون تنسيق، وكأن الزمن ما زال يسمح بجلوس مطوّل حول فنجان قهوة لا يحمل إلا أحاديث الناس وانتقادات لا تُطلب.

الأسوأ من المفاجأة هو التنظير: أسئلة مبطّنة، تعليقات على فوضى المنزل، ملاحظات على سلوك الأطفال. وكأن التعب لا يكفي، وكأنّها مطالبة بأن تكون مثالاً في كل حين، تحت عيون لا ترحم.

النساء اليوم أصبحن أكثر وعيًا، وأكثر وضوحًا في ترتيب أولوياتهن. باتت سعادة الطفل، واستقرار العائلة، وصحة النفس، مقدّمة على كل ما هو ظاهري أو اجتماعي. لم يعد كلام الناس يحتل موقعًا متقدّمًا في قائمة الهموم، بل غدا هامشيًا، لا يقدّم ولا يؤخّر.

فيا أيّها الزائر العزيز، افهم أن الوقت نادر، والطاقة محدودة، والمشاعر متعبة. لا تفرض وجودك من باب الألفة، ولا تختبر صبر امرأة بالكاد تجد وقتًا لنفسها.
قبل أن تزور، اتصل. قبل أن تطرق، اسأل. قبل أن تجلس، فكّر: هل زيارتك ستحمل لها دعمًا أم عبئًا جديدًا؟

الزيارة المحبّة تبدأ من احترام الوقت، وتنتهي بشكر الرفقة، لا بإثقال الكاهل.

اترك تعليقاً